أَنَّ الصِّدِّيقَ كَانَ (?) فِيهِ مِنَ الْفَضَائِلِ الَّتِي بَانَ بِهَا عَنْ غَيْرِهِ، مَا عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ بِهِ أَنَّهُ أَحَقُّهُمْ بِالْخِلَافَةِ، وَأَنَّ (?) ذَلِكَ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى عَهْدٍ خَاصٍّ.
كَمَا قَالَ (?) النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ لِأَبِي بَكْرٍ، [فَقَالَ لِعَائِشَةَ: " «ادْعِي لِي أَبَاكِ وَأَخَاكِ حَتَّى أَكْتُبَ لِأَبِي بَكْرٍ كِتَابًا، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ، وَيَقُولَ قَائِلٌ: أَنَا أَوْلَى، وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ» ". أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَفِي الْبُخَارِيِّ: " «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ وَأَعْهَدَ، أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُونَ أَوْ يَتَمَنَّى الْمُتَمَنُّونَ، وَيَدْفَعُ اللَّهُ وَيَأْبَى الْمُؤْمِنُونَ» " (?) .
فَبَيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَكْتُبَ كِتَابًا خَوْفًا، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ الْأَمْرَ وَاضِحٌ ظَاهِرٌ لَيْسَ مِمَّا يُقْبَلُ النِّزَاعُ فِيهِ، وَالْأُمَّةُ حَدِيثَةُ عَهْدٍ بِنَبِيِّهَا، وَهُمْ خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، وَأَفْضَلُ قُرُونِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَلَا يَتَنَازَعُونَ فِي هَذَا الْأَمْرِ الْوَاضِحِ الْجَلِيِّ، فَإِنَّ النِّزَاعَ إِنَّمَا يَكُونُ لِخَفَاءِ الْعِلْمِ أَوْ لِسُوءِ الْقَصْدِ، وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ مُنْتَفٍ، فَإِنَّ الْعِلْمَ بِفَضِيلَةِ أَبِي بَكْرٍ جَلِيٌّ، وَسُوءَ الْقَصْدِ لَا يَقَعُ مِنْ جُمْهُورِ الْأُمَّةِ الَّذِينَ هُمْ أَفْضَلُ الْقُرُونِ] (?) ؛ وَلِهَذَا قَالَ (?) : " «يَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ» "، فَتَرَكَ ذَلِكَ لِعِلْمِهِ بِأَنَّ [ظُهُورَ] (?)