الْجَلِيِّ الْمُجَرَّدِ، وَتَارَةً بِالنَّصِّ الَّذِي قَدْ يَعْرِضُ لِبَعْضِ النَّاسِ فِيهِ شُبْهَةٌ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللَّهِ وَحِكْمَتِهِ.
وَذَلِكَ كُلُّهُ دَاخِلٌ فِي الْبَلَاغِ الْمُبِينِ، فَإِنَّهُ مَنْ لَيْسَ (?) شَرْطُ الْبَلَاغِ الْمُبِينِ أَنْ لَا يُشْكِلَ عَلَى أَحَدٍ، فَإِنَّ هَذَا لَا يَنْضَبِطُ، وَأَذْهَانُ النَّاسِ وَأَهْوَاؤُهُمْ مُتَفَاوِتَةٌ تَفَاوُتًا عَظِيمًا، وَفِيهِمْ مَنْ يَبْلُغُهُ الْعِلْمُ، وَفِيهِمْ مَنْ لَا يَبْلُغُهُ إِمَّا لِتَفْرِيطِهِ وَإِمَّا لِعَجْزِهِ.
وَإِنَّمَا عَلَى الرَّسُولِ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ: الْبَيَانُ الْمُمْكِنُ، وَهَذَا - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ - قَدْ حَصَلَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ بَلَّغَ الْبَلَاغَ الْمُبِينَ، وَتَرَكَ الْأُمَّةَ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدَهُ إِلَّا هَالِكٌ، وَمَا تَرَكَ مِنْ شَيْءٍ يُقَرِّبُ إِلَى الْجَنَّةِ إِلَّا أَمَرَ الْخَلْقَ بِهِ، وَلَا مِنْ شَيْءٍ يُقَرِّبُهُمْ مِنَ النَّارِ إِلَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ، فَجَزَاهُ اللَّهُ عَنْ أُمَّتِهِ أَفْضَلَ مَا جَزَى نَبِيًّا عَنْ أُمَّتِهِ.
وَأَيْضًا فَأَمْرُ النَّبِيِّ (?) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ بِالصَّلَاةِ بِالنَّاسِ إِذَا غَابَ، وَإِقْرَارُهُ إِذَا حَضَرَ قَدْ كَانَ فِي صِحَّتِهِ قَبْلَ هَذِهِ الْمَرَّةِ.
كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ، فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: أَتُصَلِّي بِالنَّاسِ فَأُقِيمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّلَاةِ، فَصَفَّقَ النَّاسُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَلْتَفِتُ فِي الصَّلَاةِ، فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ مِنَ التَّصْفِيقِ الْتَفَتَ، فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ