فَصْلٌ (?) .
وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْشَدَ الْأُمَّةَ إِلَى خِلَافَةِ الصِّدِّيقِ وَدَلَّهُمْ عَلَيْهَا، وَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ.
مِثْلُ مَا أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ «أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ فَلَمْ أَجِدْكَ؟ - كَأَنَّهَا تَعْنِي الْمَوْتَ - قَالَ: " فَإِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ» " (?) .
وَالرَّسُولُ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَخْتَارُ غَيْرَهُ (?) ، وَالْمُؤْمِنُونَ لَا يَخْتَارُونَ غَيْرَهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ: «يَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ» " فَكَانَ فِيمَا دَلَّهُمْ بِهِ مِنَ الدَّلَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ، وَمَا عَلِمَ بِأَنَّ اللَّهَ سَيُقَدِّرُهُ مِنَ الْخَيْرِ الْمُوَافِقِ لِأَمْرِهِ وَرِضَاهُ مَا يَحْصُلُ بِهِ تَمَامُ الْحِكْمَةِ فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ، قَدَرًا وَشَرْعًا.
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَا اخْتَارَهُ اللَّهُ كَانَ أَفْضَلَ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ (?) مِنْ وُجُوهٍ، وَأَنَّهُمْ إِذَا وَلَّوْا بِعِلْمِهِمْ وَاخْتِيَارِهِمْ مَنْ عَلِمُوا أَنَّهُ الْأَحَقُّ بِالْوِلَايَةِ عِنْدَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ كَانَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَصَالِحِ الشَّرْعِيَّةِ مَا لَا يَحْصُلُ بِدُونِ ذَلِكَ.
وَبَيَانُ الْأَحْكَامِ يَحْصُلُ تَارَةً بِالنَّصِّ الْجَلِيِّ الْمُؤَكَّدِ، وَتَارَةً بِالنَّصِّ