وَأَمَّا قَوْلُ الرَّافِضِيِّ: " وَمِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ تَكْمِيلُ الرَّعِيَّةِ، فَكَيْفَ يَطْلُبُ مِنْهُمُ التَّكْمِيلَ؟ "
عَنْهُ أَجْوِبَةٌ: أَحَدُهَا: أَنَّا (?) لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْإِمَامَ يُكَمِّلُهُمْ وَهُمْ لَا يُكَمِّلُونَهُ أَيْضًا (?) ، بَلِ الْإِمَامُ وَالرَّعِيَّةُ يَتَعَاوَنُونَ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، لَا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، بِمَنْزِلَةِ أَمِيرِ الْجَيْشِ وَالْقَافِلَةِ وَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ، وَالدِّينُ قَدْ عُرِفَ بِالرَّسُولِ، فَلَمْ يَبْقَ عِنْدَ الْإِمَامِ دِينٌ يَنْفَرِدُ بِهِ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنَ الِاجْتِهَادِ فِي الْجُزْئِيَّاتِ، فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ فِيهَا بَيِّنًا أَمَرَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مُتَبَيِّنًا لِلْإِمَامِ دُونَهُمْ بَيَّنَهُ لَهُمْ، وَكَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، وَإِنْ كَانَ مُشْتَبِهًا عَلَيْهِمُ اشْتَوَرُوا فِيهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ، وَإِنْ تَبَيَّنَ لِأَحَدٍ مِنَ الرَّعِيَّةِ دُونَ الْإِمَامِ بَيَّنَهُ لَهُ، وَإِنِ اخْتَلَفَ الِاجْتِهَادُ، فَالْإِمَامُ هُوَ الْمُتَّبَعُ فِي اجْتِهَادِهِ، إِذْ لَا بُدَّ مِنَ التَّرْجِيحِ، وَالْعَكْسُ مُمْتَنِعٌ.
وَهَذَا كَمَا تَقُولُهُ الرَّافِضَةُ الْإِمَامِيَّةُ فِي نُوَّابِ الْمَعْصُومِ ; فَإِنَّهُ وَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُمُ الْكُلِّيَّاتُ فَلَا بُدَّ فِي تَبْيِينِ الْجُزْئِيَّاتِ مِنَ الِاجْتِهَادِ، وَحِينَئِذٍ فَكُلُّ إِمَامٍ هُوَ نَائِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي لَا رَيْبَ فِي عِصْمَتِهِ، وَنُوَّابُهُ أَحَقُّ بِالِاتِّبَاعِ مِنْ نُوَّابِ غَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِمْ نُوَّابَهُ أَنَّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَقُومُوا بِمَا قَامَ بِهِ، لَيْسَ الْمُرَادُ اسْتِخْلَافَهُمْ، فَإِنَّ طَاعَةَ الرَّسُولِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُتَوَلٍّ، سَوَاءٌ وَلَّاهُ (?) الرَّسُولُ أَوْ غَيْرُهُ، وَطَاعَتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ كَطَاعَتِهِ فِي