عَامَ الْفَتْحِ، وَوَلَّى ابْنَهُ قَيْسًا، وَعَزَلَ إِمَامًا كَانَ يُصَلِّي بِقَوْمٍ لَمَّا بَصَقَ فِي الْقِبْلَةِ، وَوَلَّى مَرَّةً (?) رَجُلًا فَلَمْ يَقُمْ بِالْوَاجِبِ، فَقَالَ: " «أَعَجِزْتُمْ إِذَا وَلَّيْتُ مَنْ لَا يَقُومُ بِأَمْرِي أَنْ تُوَلُّوا رَجُلًا يَقُومُ بِأَمْرِي» " (?) فَقَدْ فَوَّضَ إِلَيْهِمْ عَزْلَ مَنْ لَا يَقُومُ بِالْوَاجِبِ مِنْ وُلَاتِهِ، فَكَيْفَ لَا يُفَوِّضُ (?) إِلَيْهِمِ ابْتِدَاءَ تَوْلِيَةِ مَنْ يَقُومُ بِالْوَاجِبِ.
وَإِذَا (?) كَانَ فِي حَيَاتِهِ مَنْ يُوَلِّيهِ، وَلَا يَقُومُ بِالْوَاجِبِ فَيَعْزِلُهُ، أَوْ يَأْمُرُ بِعَزْلِهِ، كَانَ لَوْ وَلَّى وَاحِدًا بَعْدَ مَوْتِهِ يُمْكِنُ فِيهِ أَنْ لَا يَقُومَ بِالْوَاجِبِ، وَحِينَئِذٍ فَيَحْتَاجُ إِلَى عَزْلِهِ فَإِذَا وَلَّتْهُ الْأُمَّةُ وَعَزَلَتْهُ كَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَنْ يَعْزِلُوا مَنْ وَلَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا مِمَّا يَتَبَيَّنُ بِهِ حِكْمَةُ تَرْكِ الِاسْتِخْلَافِ، وَعَلَى هَذَا فَنَقُولُ فِي:
الْوَجْهِ الْخَامِسِ: إِنَّ تَرْكَ الِاسْتِخْلَافِ بَعْدَ مَمَاتِهِ كَانَ أَوْلَى مِنَ الِاسْتِخْلَافِ (?) ، كَمَا اخْتَارَهُ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ، فَإِنَّهُ لَا يَخْتَارُ لَهُ إِلَّا أَفْضَلَ الْأُمُورِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ: إِمَّا أَنْ يُقَالَ: يَجِبُ أَنْ لَا يَسْتَخْلِفَ فِي حَيَاتِهِ مَنْ لَيْسَ