اسْتَخْلَفَ، وَلَمَّا حَجَّ وَاعْتَمَرَ اسْتَخْلَفَ فَاسْتَخْلَفَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَبَنِي الْمُصْطَلَقِ، وَغَزْوَةِ خَيْبَرَ، وَغَزْوَةِ الْفَتْحِ، وَاسْتَخْلَفَ فِي غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَفِي غَزْوَةِ الْقَضَاءِ، وَحَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَإِذَا كَانَ الِاسْتِخْلَافُ فِي الْحَيَاةِ وَاجِبًا عَلَى مُتَوَلِّي الْأَمْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا مَعَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِخْلَافُ بَعْدَ * مَوْتِهِ لِكَوْنِ الِاسْتِخْلَافِ فِي الْحَيَاةِ أَمْرًا ضَرُورِيًّا لَا يُؤَدَّى الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ بِخِلَافِ الِاسْتِخْلَافِ بَعْدَ * (?) الْمَوْتِ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَّغَ الْأُمَّةَ، وَهُوَ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِمْ طَاعَتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَيُمْكِنُهُمْ أَنْ يُعَيِّنُوا مَنْ يُؤَمِّرُونَهُ عَلَيْهِمْ، كَمَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِي كُلِّ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ - عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِخْلَافِ فِي الْحَيَاةِ وُجُوبُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ.
الرَّابِعُ: أَنَّ الِاسْتِخْلَافَ فِي الْحَيَاةِ وَاجِبٌ فِي أَصْنَافِ الْوِلَايَاتِ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَخْلِفُ عَلَى مَنْ غَابَ عَنْهُمْ (?) مَنْ يُقِيمُ فِيهِمُ الْوَاجِبَ، وَيَسْتَخْلِفُ فِي الْحَجِّ، وَفِي قَبْضِ الصَّدَقَاتِ، وَحِفْظِ مَالِ الْفَيْءِ، وَفِي إِقَامَةِ الْحُدُودِ، وَفِي الْغَزْوِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الِاسْتِخْلَافَ لَا يَجِبُ بَعْدَ الْمَوْتِ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ، بَلْ وَلَا يُمْكِنُ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُعَيَّنَ لِلْأُمَّةِ بَعْدَ مَوْتِهِ مَنْ يَتَوَلَّى كُلَّ أَمْرٍ جُزْئِيٍّ، فَإِنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ إِلَى وَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ، وَتَعْيِينُ ذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ، وَلِأَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ وَاحِدًا فَقَدْ يَخْتَلِفُ حَالُهُ وَيَجِبُ عَزْلُهُ، فَقَدْ كَانَ يُوَلِّي فِي حَيَاتِهِ مَنْ يَشْكِي (?) إِلَيْهِ فَيَعْزِلُهُ، كَمَا عَزَلَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ، وَعَزَلَ سَعْدَ (?) بْنَ عُبَادَةَ