كَافِرٌ، وَالْمُنَافِقُونَ مَقْمُوعُونَ مُسِرُّونَ لِلنِّفَاقِ (?) ، لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يُحَارِبُهُ، وَلَا مَنْ يَخَافُ الرَّسُولُ مِنْهُ فَلَا يُقَالُ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 67) .
وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ الَّذِي جَرَى يَوْمَ الْغَدِيرِ لَمْ يَكُنْ مِمَّا أُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ، كَالَّذِي بَلَّغَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الَّذِينَ حَجُّوا مَعَهُ - أَوْ أَكْثَرَهُمْ - لَمْ يَرْجِعُوا مَعَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، بَلْ رَجَعَ أَهْلُ مَكَّةَ إِلَى مَكَّةَ، وَأَهْلُ الطَّائِفِ إِلَى الطَّائِفِ، وَأَهْلُ الْيَمَنِ إِلَى الْيَمَنِ، وَأَهْلُ الْبَوَادِي الْقَرِيبَةِ مِنْ ذَاكَ إِلَى بَوَادِيهِمْ، وَإِنَّمَا رَجَعَ (مَعَهُ) (?) . أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَمَنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهَا.
فَلَوْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ يَوْمَ الْغَدِيرِ مِمَّا أُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ كَالَّذِي بَلَّغَهُ فِي الْحَجِّ، لَبَلَّغَهُ (?) فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَمَا بَلَّغَ غَيْرَهُ، فَلَمَّا لَمْ يَذْكُرْ (?) فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ إِمَامَةً وَلَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِمَامَةِ أَصْلًا، وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَا ضَعِيفٍ أَنَّهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ذَكَرَ إِمَامَةَ عَلِيٍّ، بَلْ وَلَا ذَكَرَ عَلِيًّا فِي شَيْءٍ مِنْ خُطْبَتِهِ (?) ، وَهُوَ الْمَجْمَعُ الْعَامُّ الَّذِي أَمَرَ فِيهِ بِالتَّبْلِيغِ الْعَامِّ - عُلِمَ أَنَّ إِمَامَةَ عَلِيٍّ لَمْ تَكُنْ مِنَ الدِّينِ الَّذِي أَمَرَ بِتَبْلِيغِهِ (?) ، بَلْ وَلَا حَدِيثُ الْمُوَالَاةِ (?) ، وَحَدِيثُ الثَّقَلَيْنِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُذْكَرُ فِي إِمَامَتِهِ (?) .