وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ قَبْلَ تَمَامِ التَّبْلِيغِ، وَفِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ تَمَّ التَّبْلِيغُ.
«وَقَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: " أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ " قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: " اللَّهُمَّ اشْهَدْ "، وَقَالَ لَهُمْ: " أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللَّهِ، وَأَنْتُمْ تَسْأَلُونَ عَنِّي فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَجَعَلَ يَرْفَعُ إِصْبَعَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَيَنْكُبُهَا (?) إِلَى الْأَرْضِ (?) ، وَيَقُولُ: " اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ» "، وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ جَابِرٍ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ (?) .
وَقَالَ: " «لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ» " (?) .
فَتَكُونُ الْعِصْمَةُ الْمَضْمُونَةُ مَوْجُودَةً وَقْتَ (?) التَّبْلِيغِ الْمُتَقَدِّمِ، فَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ بَعْدَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ ; لِأَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ خَائِفًا مِنْ أَحَدٍ يَحْتَاجُ أَنْ يُعْصَمَ مِنْهُ (?) ، بَلْ بَعْدَ (?) حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَانَ أَهْلُ مَكَّةَ (?) وَالْمَدِينَةِ، وَمَا حَوْلَهُمَا كُلُّهُمْ مُسْلِمِينَ مُنْقَادِينَ لَهُ (?) لَيْسَ فِيهِمْ