عَبَّاسٍ، فَفِي تَوْبَةِ الْقَاتِلِ، لَا الْقَوْلُ بِتَخْلِيدِهِ وَتَوْبَتِهِ فِيهَا، رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ. فَأَيْنَ هَذَا مِنْ هَذَا؟ .
وَلَا كَانَ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ لَمْ يَكُونُوا أَئِمَّةً وَلَا كَانَتْ خِلَافَتُهُمْ صَحِيحَةً، وَلَا مَنْ يَقُولُ: إِنَّ خِلَافَتَهُمْ ثَابِتَةٌ بِالنَّصِّ، وَلَا مَنْ يَقُولُ: إِنَّ بَعْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ كَانَ غَيْرُ عَلِيٍّ أَفْضَلَ مِنْهُ، وَلَا أَحَقَّ مِنْهُ بِالْإِمَامَةِ.
فَهَذِهِ الْقَوَاعِدُ الدِّينِيَّةُ الَّتِي اخْتُلِفَ فِيهَا مِنْ بَعْدِ الصَّحَابَةِ، لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهَا بِالْقَوْلِ وَلَا بِالْخُصُومَاتِ، فَضْلًا عَنِ السَّيْفِ، وَلَا قَاتَلَ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى قَاعِدَةٍ فِي الْإِمَامَةِ. فَقَبْلَ خِلَافَةِ عَلِيٍّ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ فِي الْإِمَامَةِ وَلَا فِي وِلَايَتِهِ (?) لَمْ يُقَاتِلْهُ أَحَدٌ عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ تَابِعًا لِذَاكَ.
وَالَّذِينَ قَاتَلُوا عَلِيًّا لَمْ يُقَاتِلُوا لِاخْتِصَاصِ عَلِيٍّ دُونَ الْأَئِمَّةِ قَبْلَهُ بِوَصْفٍ، بَلِ الَّذِينَ قَاتَلُوا مَعَهُ كَانُوا يُقِرُّونَ بِإِمَامَةِ مَنْ قَبْلَهُ، وَشَائِعًا بَيْنَهُمْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَقَدْ تَوَاتَرَ (?) عَنْهُ نَفْسِهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ. وَلَمْ يَظْهَرْ عَنِ الشِّيعَةِ (?) الْأُوَلِ تَقْدِيمُ عَلِيٍّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَضْلًا عَنِ الطَّعْنِ فِي إِمَامَتِهِمَا.