مَنْفِيًّا [دَائِمًا] (?) ، بَلْ غَايَةُ النَّفْيِ الْمُقَدَّرِ سَنَةً، وَهُوَ نَفْيُ الزَّانِي وَالْمُخَنَّثِ حَتَّى يَتُوبَ مِنَ التَّخْنِيثِ، فَإِنْ كَانَ تَعْزِيرُ الْحَاكِمِ لِذَنْبٍ حَتَّى يَتُوبَ مِنْهُ، فَإِذَا تَابَ سَقَطَتِ الْعُقُوبَةُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى ذَنْبٍ مَاضٍ فَهُوَ أَمْرٌ اجْتِهَادِيٌّ لَمْ يُقَدَّرْ فِيهِ قَدْرٌ، وَلَمْ يُوَقَّتْ فِيهِ وَقْتٌ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَالنَّفْيُ كَانَ فِي آخِرِ الْهِجْرَةِ، فَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ طَالَتْ مُدَّتُهُ، وَقَدْ كَانَ عُثْمَانُ شَفَعَ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَانَ كَاتِبًا لِلْوَحْيِ، وَارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَهْدَرَ دَمَهُ فِيمَنْ أَهْدَرَ، ثُمَّ جَاءَ [بِهِ] (?) عُثْمَانُ فَقَبِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَفَاعَتَهُ فِيهِ وَبَايَعَهُ، فَكَيْفَ لَا يَقْبَلُ شَفَاعَتَهُ فِي الْحَكَمِ؟ !
وَقَدْ رَوَوْا أَنَّ عُثْمَانَ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَرُدَّهُ فَأَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ. وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ ذَنْبَهُ دُونَ ذَنْبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ. وَقِصَّةُ [عَبْدِ اللَّهِ] ثَابِتَةٌ (?) مَعْرُوفَةٌ بِالْإِسْنَادِ الثَّابِتِ. وَأَمَّا قِصَّةُ الْحَكَمِ فَعَامَّةُ مَنْ ذَكَرَهَا إِنَّمَا ذَكَرَهَا مُرْسَلَةً، وَقَدْ ذَكَرَهَا الْمُؤَرِّخُونَ الَّذِينَ يَكْثُرُ الْكَذِبُ فِيمَا يَرْوُونَهُ، وَقَلَّ أَنْ يَسْلَمَ لَهُمْ نَقْلُهُمْ مِنَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، فَلَمْ يَكُنْ هُنَا (?) نَقْلٌ ثَابِتٌ يُوجِبُ الْقَدْحَ فِيمَنْ هُوَ دُونَ عُثْمَانَ.