وَالطُّلَقَاءُ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ هَاجَرَ، بَلْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ» " (?) .
وَلَمَّا (?) قَدِمَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ مُهَاجِرًا أَمْرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[بِالرُّجُوعِ] (?) إِلَى مَكَّةَ. وَلَمَّا أَتَاهُ الْعَبَّاسُ بِرَجُلٍ (?) لِيُبَايِعَهُ عَلَى الْهِجْرَةِ وَأَقْسَمَ عَلَيْهِ، أَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ: " « [إِنِّي] (?) أَبْرَرْتُ قَسَمَ عَمِّي وَلَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ» ".
وَكَانَ الْعَبَّاسُ قَدْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَبْلَ وُصُولِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[إِلَيْهَا] (?) عَامَ الْفَتْحِ، فَلَقِيَهُ فِي الطَّرِيقِ. فَلَمْ تَكُنِ الطُّلَقَاءُ تَسْكُنُ بِالْمَدِينَةِ. فَإِنْ كَانَ قَدْ طَرَدَهُ فَإِنَّمَا طَرَدَهُ مِنْ مَكَّةَ لَا مِنَ الْمَدِينَةِ، وَلَوْ طَرَدَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ لَكَانَ يُرْسِلُهُ إِلَى مَكَّةَ.
وَقَدْ طَعَنَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي نَفْيِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَالُوا: هُوَ ذَهَبَ بِاخْتِيَارِهِ.
وَالطَّرْدُ هُوَ النَّفْيُ، وَالنَّفْيُ قَدْ جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ فِي الزَّانِي وَفِي الْمُخَنَّثِينَ، وَكَانُوا يُعَزَّرُونَ بِالنَّفْيِ. وَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ عَزَّرَ رَجُلًا بِالنَّفْيِ، لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَبْقَى مَنْفِيًّا طُولَ الزَّمَانِ، فَإِنَّ هَذَا لَا يُعْرَفُ فِي شَيْءٍ مِنَ الذُّنُوبِ، وَلَمْ تَأْتِ الشَّرِيعَةُ بِذَنْبٍ يَبْقَى صَاحِبُهُ