لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، بَلْ مِنَ الْمَعْلُومِ بِصَرِيحِ الْعَقْلِ أَنَّ التَّأْثِيرَ الَّذِي هُوَ إِبْدَاعُ الشَّيْءِ وَخَلْقُهُ، وَجَعْلُهُ مَوْجُودًا لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ عَدَمِهِ، وَإِلَّا فَالْمَوْجُودُ الْأَزَلِيُّ الَّذِي لَمْ يَزَلْ مَوْجُودًا لَا يَفْتَقِرُ قَطُّ إِلَى مُبْدِعٍ خَالِقٍ يَجْعَلُهُ مَوْجُودًا، وَلَا يَكُونُ مُمْكِنًا يَقْبَلُ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ، بَلْ مَا وَجَبَ قِدَمُهُ امْتَنَعَ عَدَمُهُ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَقْبَلَ الْعَدَمَ.

الْوَجْهُ الثَّامِنُ: أَنَّ تَسْمِيَةَ تَأْثِيرِ الرَّبِّ فِي مَخْلُوقَاتِهِ فِعْلًا وَصُنْعًا وَإِبْدَاعًا وَإِبْدَاءً وَخَلْقًا وَبَرْءًا (?) ، وَأَمْثَالَ ذَلِكَ مِنَ الْعِبَارَاتِ هُوَ مِمَّا تَوَاتَرَ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ، بَلْ. (?) وَمِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْعُقَلَاءِ، وَذَلِكَ مِنَ الْعِبَارَاتِ الَّتِي تَتَدَاوَلُهَا الْخَاصَّةُ وَالْعَامَّةُ تَدَاوُلًا كَثِيرًا، وَمِثْلُ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهَا الْمُرَادُ بِهَا أَوِ الَّذِي وُضِعَتْ لَهُ مَا (?) لَا يَفْهَمُهُ إِلَّا الْخَاصَّةُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ أَنْ لَا يَكُونَ جَمَاهِيرُ النَّاسِ يَفْهَمُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ مَا يَعْنُونَهُ بِكَلَامِهِمْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْكَلَامِ الْإِفْهَامُ.

وَأَيْضًا، فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهَا غَيْرَ الْمَفْهُومِ مِنْهَا لَكَانَ الْخِطَابُ بِهَا تَلْبِيسًا (?) ، وَتَدْلِيسًا وَإِضْلَالًا.

وَأَيْضًا، فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِهَا خِلَافَ الْمَفْهُومِ لَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَعْرِفُهُ خَوَاصُّهُمْ.

وَمِنَ الْمَعْلُومِ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ خَوَاصَّ الصَّحَابَةِ وَعَوَامَّهُمْ كَانُوا يُقِرُّونَ أَنَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015