أَنَّ فَاعِلَ الشَّيْءِ هُوَ فَاعِلُ صِفَاتِهِ اللَّازِمَةِ لِامْتِنَاعِ فِعْلِ الشَّيْءِ بِدُونِ صِفَاتِهِ (?) اللَّازِمَةِ.
وَأَيْضًا، فَالذَّاتُ مَعَ تَجَرُّدِهَا عَنِ الصِّفَاتِ يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ مُؤَثِّرَةً فِي شَيْءٍ، فَضْلًا عَنْ أَنْ تَكُونَ مُؤَثِّرَةً فِي صِفَاتِ نَفْسِهَا، فَإِنَّ شَرْطَ كَوْنِهَا مُؤَثِّرَةً أَنْ تَكُونَ حَيَّةً عَالِمَةً قَادِرَةً (?) ، فَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُؤَثِّرَةَ فِي كَوْنِهَا حَيَّةً عَالِمَةً قَادِرَةً لَكَانَتْ مُؤَثِّرَةً بِدُونِ اتِّصَافِهَا بِهَذِهِ الصِّفَاتِ، وَهَذَا مِمَّا يُعْلَمُ امْتِنَاعُهُ بِصَرِيحِ الْعَقْلِ، بَلْ صِفَاتُهَا اللَّازِمَةُ لَهَا أَكْمَلُ مِنْ كُلِّ مَوْجُودٍ، فَإِذَا امْتَنَعَ أَنْ يُؤَثِّرَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ بِذَاتٍ مُجَرَّدَةٍ عَنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ، فَكَيْفَ يُؤَثِّرُ فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ بِمُجَرَّدِ هَذِهِ الذَّاتِ (?) .
فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ هَاهُنَا تَأْثِيرٌ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فِي صِفَاتِهَا إِلَّا أَنْ يُسَمِّيَ الْمُسَمَّى الِاسْتِلْزَامَ تَأْثِيرًا، كَمَا تَقَدَّمَ، وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ لَهُ: مِثْلُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْعَظِيمَةِ لَا يُمْكِنُ التَّعْوِيلُ فِيهَا عَلَى مُجَرَّدِ الْأَلْفَاظِ، فَإِنَّ تَسْمِيَتَكَ لِاسْتِلْزَامِ (?) الذَّاتِ الْمُتَّصِفَةِ بِصِفَاتِهَا اللَّازِمَةِ لَهَا تَأْثِيرًا لَا يُوجِبُ أَنْ يُجْعَلَ هَذَا كَإِبْدَاعِهَا لِمَخْلُوقَاتِهَا، فَهَبْ أَنَّكَ سَمَّيْتَ كُلَّ اسْتِلْزَامٍ تَأْثِيرًا، لَكِنَّ دَعْوَاكَ بَعْدَ هَذَا أَنَّ الْمَخْلُوقَ الْمَفْعُولَ مَلَازِمٌ لِخَالِقِهِ وَفَاعِلِهِ، مِمَّا يُعْلَمُ فَسَادُهُ بِبَدِيهَةِ الْعَقْلِ، كَمَا اتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ جَمَاهِيرُ الْعُقَلَاءِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَأَنْتَ لَا تَعْرِفُ هَذَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ، لَا يُعْرَفُ قَطُّ شَيْءٌ أَبْدَعَ شَيْئًا، وَهُوَ مُقَارِنٌ لَهُ بِحَيْثُ يَكُونَانِ مُتَقَارِنَيْنِ فِي الزَّمَانِ