الْقَبِيحِ (?) إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ فِعْلِ الْحَسَنِ مَعْنًى يَعُودُ إِلَيْهِ، فَيَكُونُ فِعْلُ الْحَسَنِ يُنَاسِبُهُ، بِخِلَافِ الْقَبِيحِ. فَإِذَا قُدِّرَ نَفْيُ ذَلِكَ امْتَنَعَ أَنْ يَفْعَلَ لِحِكْمَةٍ.
ثُمَّ إِنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ مِنْ أَعْظَمِ صِفَاتِ الْكَمَالِ، وَكَذَلِكَ كَوْنُهُ مَحْبُوبًا لِذَاتِهِ هُوَ (?) أَصْلُ دِينِ الرُّسُلِ، فَإِنَّهُمْ كُلَّهُمْ دَعَوْا إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ، وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَالْإِلَهُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ، وَالْعِبَادَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا بِتَعْظِيمٍ وَمَحَبَّةٍ، وَإِلَّا فَمَنْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ لِعِوَضٍ (?) يُعْطِيهِ إِيَّاهُ، وَلَمْ يَكُنْ يُحِبُّهُ، لَمْ يَكُنْ عَابِدًا [لَهُ] (?) .
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 54] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 165] ، وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَنْفُونَ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ وَيُحَبُّ آخِرُ أَمْرِهِمْ أَنَّهُ (?) لَا يَبْقَى عِنْدَهُمْ فَرْقٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللَّهِ بَيْنَ أَوْلِيَائِهِ وَبَيْنَ أَعْدَائِهِ، وَلَا بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ، وَلَا بَيْنَ مَا أَمَرَ بِهِ وَمَا نَهَى عَنْهُ، وَلَا بَيْنَ بُيُوتِهِ الَّتِي هِيَ الْمَسَاجِدُ وَبَيْنَ الْحَانَاتِ وَمَوَاضِعِ الشِّرْكِ.
وَغَايَةُ مَا يُثْبِتُونَهُ مِنَ الْفَرْقِ أَنَّ هَذَا عَلَمٌ عَلَى لَذَّةٍ تَحْصُلُ لِلْإِنْسَانِ، وَهَذَا عَلَمٌ عَلَى أَلَمٍ يَحْصُلُ لِلْإِنْسَانِ (?) ، فَإِنْ كَانُوا (?) مِنَ الصُّوفِيَّةِ الَّذِينَ