وَيَرْضَاهُ، بَعْدَ الْفَقْدِ الْمُنَافِي لِذَلِكَ.
وَهَذَا يُبَيِّنُ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ لِلتَّوْبَةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَمِنْ كَرَاهَتِهِ لِخِلَافِ ذَلِكَ، مَا يَرُدُّ عَلَى مُنْكِرِي الْفَرْقِ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ، فَإِنَّ الطَّائِفَتَيْنِ تَجْعَلُ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ سَوَاءً. [ثُمَّ] (?) الْقَدَرِيَّةُ يَقُولُونَ: هُوَ يَقْصِدُ نَفْعَ الْعَبْدِ لِكَوْنِ ذَلِكَ حَسَنًا، وَلَا يَقْصِدُ الظُّلْمَ لِكَوْنِهِ قَبِيحًا، والْجَهْمِيَّةُ يَقُولُونَ: إِذَا كَانَ لَا فَرْقَ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا، امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ شَيْءٌ حَسَنٌ وَشَيْءٌ قَبِيحٌ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ ذَلِكَ إِلَى أُمُورٍ إِضَافِيَّةٍ لِلْعِبَادِ.
فَالْحُسْنُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعَبْدِ مَا يُلَائِمُهُ وَمَا تَرَتَّبَ (?) عَلَيْهِ ثَوَابٌ يُلَائِمُهُ، وَالْقَبِيحُ (?) بِالْعَكْسِ، وَمِنْ هُنَا جَعَلُوا الْمَحَبَّةَ وَالْإِرَادَةَ سَوَاءً، فَلَوْ أَثْبَتُوا أَنَّهُ - سُبْحَانَهُ - يُحِبُّ وَيَفْرَحُ بِحُصُولِ مَحْبُوبِهِ - كَمَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ - تَبَيَّنَ لَهُمْ حِكْمَتُهُ، وَتَبَيَّنَ أَيْضًا أَنَّهُ يَفْعَلُ الْأَفْعَالَ لِحِكْمَةٍ. فَإِنَّ الْجَهْمِيَّةَ قَالُوا: إِذَا كَانَتِ الْأَشْيَاءُ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ سَوَاءً، امْتَنَعَ أَنْ يَفْعَلَ لِحِكْمَةٍ، [وَالْمُعْتَزِلَةُ قَالُوا: يَفْعَلُ لِحِكْمَةٍ] (?) تَعُودُ إِلَى الْعِبَادِ. فَقَالَتْ لَهُمُ الْجَهْمِيَّةُ: [تِلْكَ الْحِكْمَةُ] (?) يَعُودُ إِلَيْهِ مِنْهَا حُكْمٌ (?) أَوْ لَا يَعُودُ؟ فَالْأَوَّلُ (?) خِلَافُ الْأَصْلِ الَّذِي أَصَّلْتُمُوهُ (?) . وَالثَّانِي مُمْتَنِعٌ، فَيَمْتَنِعُ أَنَّ أَحَدًا يَخْتَارُ الْحَسَنَ عَلَى