أَضْرِبْ عُنُقَهُ. فَقَالَ: " يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا أَقْوَامٌ يَحْقِرُ أَحَدَكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ» " الْحَدِيثَ (?) .
فَهَذَا كَلَامُهُ فِي هَؤُلَاءِ الْعِبَادِ لِمَا كَانُوا مُبْتَدِعِينَ. وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّمَا أُتِيَ بِهِ إِلَيْهِ جَلَدَهُ الْحَدَّ، فَأُتِيَ بِهِ إِلَيْهِ مَرَّةً فَلَعَنَهُ رَجُلٌ، وَقَالَ: مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " لَا تَلْعَنْهُ ; فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» " (?) فَنَهَى عَنْ لَعْنِ هَذَا الْمُعَيَّنِ الْمُدْمِنَ الَّذِي يَشْرَبُ الْخَمْرَ، وَشَهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، مَعَ لَعْنَةِ شَارِبِ الْخَمْرِ عُمُومًا.
فَعُلِمَ الْفِرَقُ بَيْنَ الْعَامِّ الْمُطْلَقِ وَالْخَاصِّ الْمُعَيَّنِ، وَعُلِمَ أَنَّ أَهْلَ الذُّنُوبِ الَّذِينَ يَعْتَرِفُونَ بِذُنُوبِهِمْ أَخَفُّ ضَرَرًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَمْرِ أَهْلِ الْبِدَعِ الَّذِينَ يَبْتَدِعُونَ بِدْعَةٍ يَسْتَحِلُّونَ بِهَا عُقُوبَةَ مَنْ يُخَالِفُهُمْ.
وَالرَّافِضَةُ أَشَدُّ بِدْعَةً مِنَ الْخَوَارِجِ، وَهُمْ يُكَفِّرُونَ مَنْ لَمْ تَكُنِ الْخَوَارِجُ تُكَفِّرُهُ، كَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَيَكْذِبُونَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةِ كَذِبًا مَا كَذِبَ أَحَدٌ مِثْلَهُ، وَالْخَوَارِجُ لَا يَكْذِبُونَ، لَكِنَّ الْخَوَارِجَ كَانُوا أَصْدَقَ وَأَشْجَعَ مِنْهُمْ، وَأَوْفَى بِالْعَهْدِ مِنْهُمْ، فَكَانُوا أَكْثَرَ قِتَالًا مِنْهُمْ، وَهَؤُلَاءِ أَكْذَبُ وَأَجْبَنُ وَأَغْدَرُ وَأَذَلُّ.