[سُورَةُ الشُّورَى: 17] . وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 58] .
وَقَالَ: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 42] .
وَقَالَ: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 48] فَأَمَرَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِالْقِسْطِ وَأَنْ يَحْكُمَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْقِسْطَ هُوَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ، فَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ هُوَ الْقِسْطُ، وَالْقِسْطُ هُوَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ.
وَلِهَذَا وَجَبَ عَلَى كُلِّ مَنْ حَكَمَ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَنْ يَحْكُمَ بِالْعَدْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 58] فَلَيْسَ لِحَاكِمٍ أَنْ يَحْكُمَ بِظُلْمٍ أَبَدًا، وَالشَّرْعُ الَّذِي يَجِبُ عَلَى حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ الْحُكْمُ بِهِ عَدْلٌ كُلُّهُ، لَيْسَ فِي الشَّرْعِ ظُلْمٌ أَصْلًا، بَلْ حُكْمُ اللَّهِ أَحْسَنُ الْأَحْكَامِ (?) .
وَالشَّرْعُ هُوَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ; فَكُلُّ مَنْ حَكَمَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَقَدْ حَكَمَ بِالْعَدْلِ، لَكِنَّ الْعَدْلَ قَدْ يَتَنَوَّعُ بِتَنَوُّعِ الشَّرَائِعِ وَالْمَنَاهِجِ، فَيَكُونُ الْعَدْلُ فِي كُلِّ شِرْعَةٍ بِحَسَبِهَا.
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: