وَلَا الْتِزَامُ جَمِيعِ شَرَائِعِ (?) الْإِسْلَامِ، لِكَوْنِهِ مَمْنُوعًا مِنَ الْهِجْرَةِ، وَمَمْنُوعًا مِنْ إِظْهَارِ دِينِهِ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَنْ يُعَلِّمُهُ جَمِيعَ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ؛ فَهَذَا مُؤْمِنٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، كَمَا كَانَ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ مَعَ قَوْمِ فِرْعَوْنَ، وَكَمَا كَانَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، بَلْ وَكَمَا كَانَ يُوسُفُ الصِّدِّيقُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ أَهْلِ مِصْرَ ; فَإِنَّهُمْ كَانُوا كُفَّارًا، وَلَمْ يَكُنْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَفْعَلَ مَعَهُمْ كُلَّ مَا يَعْرِفُهُ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ دَعَاهُمْ إِلَى التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ فَلَمْ يُجِيبُوهُ.
قَالَ تَعَالَى عَنْ مُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ: {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا} [سُورَةُ غَافِرٍ: 34] .
وَكَذَلِكَ النَّجَاشِيُّ هُوَ وَإِنْ كَانَ مَلِكَ النَّصَارَى فَلَمْ يُطِعْهُ قَوْمُهُ فِي الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ، بَلْ إِنَّمَا دَخَلَ مَعَهُ نَفَرٌ مِنْهُمْ. وَلِهَذَا لَمَّا مَاتَ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ (?) يُصَلِّي عَلَيْهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ: خَرَجَ بِالْمُسْلِمِينَ إِلَى الْمُصَلَّى فَصَفَّهُمْ صُفُوفًا وَصَلَّى عَلَيْهِ، وَأَخْبَرَهُمْ بِمَوْتِهِ يَوْمَ مَاتَ، وَقَالَ: " «إِنَّ أَخًا لَكُمْ صَالِحًا مِنْ أَهْلِ الْحَبَشَةِ مَاتَ» " (?) .