قِيلَ: تَصْدِيقُ الرَّسُولِ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى مَسَائِلَ مُعَيَّنَةٍ مِنْ مَسَائِلِ النِّزَاعِ، بَلْ مَا جَعَلَهُ أَهْلُ الْكَلَامِ الْمُحْدَثِ أَصْلًا لِلْعِلْمِ بِصِدْقِ الرَّسُولِ، كَقَوْلِ مَنْ قَالَ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ: إِنَّهُ لَا يُعْلَمُ صِدْقُ الرَّسُولِ إِلَّا بِأَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْعَالَمَ حَادِثٌ، وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إِلَّا بِأَنْ يُعْلَمَ (?) أَنَّ الْأَجْسَامَ مُحْدَثَةٌ، وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْعِلْمِ (?) بِأَنَّهَا لَا تَنْفَكُّ مِنَ الْحَوَادِثِ: إِمَّا الْأَعْرَاضُ مُطْلَقًا، وَإِمَّا الْأَكْوَانُ (?) ، وَإِمَّا الْحَرَكَاتُ، وَلَا يُعْلَمُ حُدُوثُهَا (?) حَتَّى يُعْلَمَ امْتِنَاعُ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا، وَلَا يُعْلَمُ أَنَّهُ صَادِقٌ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّ الرَّبَّ غَنِيٌّ، وَلَا يُعْلَمَ غِنَاهُ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِجِسْمٍ.

وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي تَزْعُمُ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ أَنَّهَا أُصُولٌ لِتَصْدِيقِ الرَّسُولِ لَا يُعْلَمُ صِدْقُهُ بِدُونِهَا، هِيَ مِمَّا يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الرَّسُولِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَجْعَلُ إِيمَانَ النَّاسِ مَوْقُوفًا عَلَيْهَا، بَلْ وَلَا دَعَا النَّاسَ إِلَيْهَا، وَلَا ذُكِرَتْ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا ذَكَرَهَا أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، لَكِنَّ الْأُصُولَ الَّتِي بِهَا يُعْلَمُ (?) صِدْقُ الرَّسُولِ مَذْكُورَةٌ فِي الْقُرْآنِ، وَهِيَ غَيْرُ هَذِهِ، كَمَا قَدْ بُيِّنَ (?) فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ ابْتَدَعُوا أُصُولًا زَعَمُوا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَصْدِيقُ الرَّسُولِ إِلَّا بِهَا، وَأَنَّ مَعْرِفَتَهَا شَرْطٌ فِي الْإِيمَانِ، أَوْ وَاجِبَةٌ عَلَى الْأَعْيَانِ هُمْ مِنْ أَهْلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015