وَرَسُولُهُ مُسْتَحِقًّا لِلْمُوَالَاةِ وَالْمُعَادَاةِ *) (?) وَالْحَلَالُ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَالدِّينُ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. فَهَذِهِ الْمَسَائِلُ كُلُّهَا ثَابِتَةٌ بِالشَّرْعِ.
وَأَمَّا الْأُمُورُ الَّتِي يَسْتَقِلُّ بِهَا الْعَقْلُ فَمِثْلُ الْأُمُورِ الطَّبِيعِيَّةِ، مِثْلَ كَوْنِ هَذَا الْمَرَضِ يَنْفَعُ فِيهِ الدَّوَاءُ الْفُلَانِيُّ، فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا يُعْلَمُ (?) بِالتَّجْرِبَةِ وَالْقِيَاسِ وَتَقْلِيدِ الْأَطِبَّاءِ الَّذِينَ عَلِمُوا ذَلِكَ بِقِيَاسٍ أَوْ تَجْرِبَةٍ. وَكَذَلِكَ مَسَائِلُ الْحِسَابِ وَالْهَنْدَسَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، هَذَا مِمَّا (?) يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ. وَكَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْجَوْهَرِ الْفَرْدِ، وَتَمَاثُلِ الْأَجْسَامِ أَوِ اخْتِلَافِهَا، وَجَوَازِ بَقَاءِ الْأَعْرَاضِ وَامْتِنَاعِ بَقَائِهَا ; فَهَذِهِ وَنَحْوُهَا تُعْلَمُ بِالْعَقْلِ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَكَوْنُ الرَّجُلِ مُؤْمِنًا وَكَافِرًا وَعَدْلًا وَفَاسِقًا هُوَ مِنَ الْمَسَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ لَا مِنَ الْمَسَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ، فَكَيْفَ يَكُونُ مَنْ خَالَفَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ لَيْسَ كَافِرًا، وَمَنْ خَالَفَ مَا ادَّعَى غَيْرُهُ أَنَّهُ مَعْلُومٌ بِعَقْلِهِ كَافِرًا؟ وَهَلْ يَكْفُرُ أَحَدٌ بِالْخَطَأِ فِي مَسَائِلِ الْحِسَابِ وَالطِّبِّ وَدَقِيقِ الْكَلَامِ؟ .
فَإِنْ قِيلَ: هَؤُلَاءِ لَا يُكَفِّرُونَ كُلَّ مَنْ خَالَفَ مَسْأَلَةً عَقْلِيَّةً، لَكِنْ يُكَفِّرُونَ مَنْ خَالَفَ الْمَسَائِلَ الْعَقْلِيَّةَ الَّتِي يُعْلَمُ بِهَا صِدْقُ الرَّسُولِ ; فَإِنَّ الْعِلْمَ بِصِدْقِ الرَّسُولِ مَبْنِيٌّ عَلَيْهَا (?) : [عَلَى مَسَائِلَ مُعَيَّنَةٍ] (?) ، فَإِذَا أَخْطَأَ فِيهَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِصِدْقِ الرَّسُولِ فَيَكُونُ كَافِرًا.