النَّاسِ. وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْوَعِيدِ الْمُطْلَقِ، لَا يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتَهُ فِي حَقِّ الْمُعَيَّنِ إِلَّا إِذَا وُجِدَتْ شُرُوطُهُ وَانْتَفَتْ مَوَانِعُهُ، وَهَكَذَا اللَّعْنُ. وَهَذَا بِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ يَزِيدُ فَعَلَ مَا يُقْطَعُ بِهِ الرَّحِمُ.

ثُمَّ إِنَّ هَذَا تَحَقَّقَ فِي كَثِيرٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ الَّذِينَ تَقَاتَلُوا مِنَ الْعَبَّاسِيِّينَ وَالطَّالِبِيِّينَ، فَهَلْ يُلْعَنُ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ؟ وَكَذَلِكَ مَنْ ظَلَمَ قَرَابَةً لَهُ لَا سِيَّمَا وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهُ عِدَّةُ آبَاءٍ، أَيَلْعَنُهُ بِعَيْنِهِ؟ ثُمَّ إِذَا لُعِنَ هَؤُلَاءِ لُعِنَ كُلُّ مَنْ شَمِلَهُ أَلْفَاظُهُ، وَحِينَئِذٍ فَيُلْعَنُ جُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ - أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [سُورَةُ مُحَمَّدٍ: 23، 22] وَعِيدٌ عَامٌّ فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَقَدْ فَعَلَ بَنُو هَاشِمٍ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ أَعْظَمَ مِمَّا فَعَلَ يَزِيدُ.

فَإِنْ قِيلَ بِمُوجِبِ هَذَا لُعِنَ (?) مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ: الْعَلَوِيِّينَ وَالْعَبَّاسِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.

وَأَمَّا أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ فَلَهُ كِتَابٌ فِي [إِبَاحَةِ] (?) لَعْنَةِ يَزِيدَ، رَدَّ فِيهِ عَلَى الشَّيْخِ عَبْدِ الْمُغِيثِ الْحَرْبِيِّ ; فَإِنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْخَلِيفَةَ النَّاصِرَ لَمَّا بَلَغَهُ نَهْيُ الشَّيْخِ عَبْدِ الْمُغِيثِ عَنْ ذَلِكَ قَصَدَهُ وَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، وَعَرَفَ عَبْدُ الْمُغِيثِ أَنَّهُ الْخَلِيفَةُ، وَلَمْ يُظْهِرْ أَنَّهُ يَعْلَمُهُ فَقَالَ: يَا هَذَا أَنَا قَصْدِي كَفُّ (?) أَلْسِنَةِ النَّاسِ عَنْ لَعْنَةِ (?) خُلَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَوُلَاتِهِمْ، وَإِلَّا فَلَوْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015