وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ فَهِيَ إِنْشَاءٌ، كَمَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِدَرَاهِمَ كَثِيرَةٍ. وَالْأَرْجَحُ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يُرْجَعَ إِلَى عُرْفِ الْمُتَكَلِّمِ، فَمَا كَانَ يُسَمِّيهِ مِثْلُهُ كَثِيرًا، حُمِلَ مُطْلَقُ كَلَامِهِ عَلَى أَقَلِّ مَحْمِلَاتِهِ (?) . وَالْخَلِيفَةُ إِذَا قَالَ: " دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ " فِي نَذْرٍ نَذَرَهُ، لَمْ يَكُنْ عُرْفُهُ فِي مِثْلِ هَذَا مِائَةَ دِرْهَمٍ وَنَحْوَهَا، بَلْ هُوَ يَسْتَقِلُّ هَذَا وَلَا يَسْتَكْثِرُهُ، بَلْ إِذَا حُمِلَ [كَلَامُهُ] (?) عَلَى مِقْدَارِ الدِّيَةِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، كَانَ هَذَا أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى مَا دُونَ ذَلِكَ، وَاللَّفْظُ يَحْتَمِلُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، لَكِنَّ هَذَا مِقْدَارُ النَّفْسِ الْمُسْلِمَةِ فِي الشَّرْعِ، وَلَا يَكُونُ عِوَضُ الْمُسْلِمِ إِلَّا كَثِيرًا.

وَالْخَلِيفَةُ يُحْمَلُ الْكَثِيرُ مِنْهُ عَلَى مَا لَا يُحْمَلُ الْكَثِيرُ مِنْ آحَادِ الْعَامَّةِ، فَإِنَّ صَاحِبَ أَلْفِ دِرْهَمٍ إِذَا قَالَ: أَعْطُوا هَذَا دَرَاهِمَ كَثِيرَةً، احْتَمَلَ عَشْرَةً وَعِشْرِينَ وَنَحْوَ ذَلِكَ (?) بِحَسَبِ حَالِهِ. فَمَعْنَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ هُوَ مِنَ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ الْإِضَافِيَّةِ، كَالْعَظِيمِ وَالْحَقِيرِ يَتَنَوَّعُ بِتَنَوُّعِ النَّاسِ، فَيُحْمَلُ كَلَامُ كُلِّ إِنْسَانٍ عَلَى مَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِحَالِهِ (?) فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ.

وَالْحِكَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا عَنِ الْمَسْعُودِيِّ مُنْقَطِعَةُ الْإِسْنَادِ. [وَفِي تَارِيخِ الْمَسْعُودِيِّ مِنَ الْأَكَاذِيبِ مَا لَا يُحْصِيهِ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، فَكَيْفَ يُوثَقُ بِحِكَايَةٍ مُنْقَطِعَةِ الْإِسْنَادِ] (?) فِي كِتَابٍ قَدْ عُرِفَ بِكَثْرَةِ الْكَذِبِ؟ (?) مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015