سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَقَدْ وَرَدَ (?) أَنَّهُ يُضَاعِفُهَا أَلْفَيْ أَلْفِ حَسَنَةٍ فَقَدْ سَمَّى هَذِهِ الْأَضْعَافَ كَثِيرَةً، وَهَذِهِ الْمَوَاطِنَ كَثِيرَةً.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} وَالْكَثْرَةُ هَاهُنَا تَتَنَاوَلُ أَنْوَاعًا مِنَ الْمَقَادِيرِ لِأَنَّ (?) الْفِئَاتِ الْمَعْلُومَةَ مَعَ الْكَثْرَةِ لَا تُحْصَرُ (?) فِي عَدَدٍ مُعَيَّنٍ وَقَدْ تَكُونُ الْفِئَةُ الْقَلِيلَةُ أَلْفًا وَالْفِئَةُ الْكَثِيرَةُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ فَهِيَ قَلِيلَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى كَثْرَةِ عَدَدِ الْأُخْرَى.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 43] . وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّهَ أَرَاهُ أَهْلَ بَدْرٍ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ، وَقَدْ سَمَّى ذَلِكَ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ وَالْإِضَافَةِ.
وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ الْقِلَّةَ وَالْكَثْرَةَ أَمْرٌ إِضَافِيٌّ. وَلِهَذَا تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا إِذَا قَالَ لَهُ: " عَلَيَّ مَالٌ عَظِيمٌ أَوْ خَطِيرٌ أَوْ كَثِيرٌ أَوْ جَلِيلٌ " هَلْ يُرْجَعُ فِي تَفْسِيرِهِ إِلَيْهِ فَيُفَسِّرُهُ (?) بِمَا يُتَمَوَّلُ؟ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ أَوْ لَا يُقْبَلُ (?) تَفْسِيرُهُ إِلَّا بِمَا لَهُ قَدْرٌ خَطِيرٌ (?) كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَبَعْضِ أَصْحَابِ أَحْمَدَ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَأَصْحَابُ الْقَوْلِ الثَّانِي مِنْهُمْ مَنْ قَدَّرَهُ بِنِصَابِ السَّرِقَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّرَهُ بِنِصَابِ الزَّكَاةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّرَهُ بِالدِّيَةِ. وَهَذَا النِّزَاعُ فِي الْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ خَبَرٌ، وَالْخَبَرُ عَنْ أَمْرٍ مَاضٍ قَدْ عَلِمَهُ الْمُقِرُّ.