وَالتَّصَوُّفِ، وَجُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ، وَجُمْهُورُ طَوَائِفِهِمْ، لَا يَخْرُجُ عَنْ هَذَا إِلَّا بَعْضُ الشِّيعَةِ، وَأَئِمَّةُ هَؤُلَاءِ وَجُمْهُورُهُمْ عَلَى الْقَوْلِ الْوَسَطِ الَّذِي لَيْسَ هُوَ قَوْلَ الْمُعْتَزِلَةِ وَلَا قَوْلَ جَهْمٍ وَأَتْبَاعِهِ الْجَبْرِيَّةِ، فَمَنْ قَالَ إِنَّ شَيْئًا مِنَ الْحَوَادِثِ أَفْعَالَ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَمْ يَخْلُقْهَا اللَّهُ تَعَالَى، فَقَدْ خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسَّنَةَ وَإِجْمَاعَ السَّلَفِ وَالْأَدِلَّةَ الْعَقْلِيَّةَ] (?) *) (?) .
وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ مَنْ قَالَ: إِنَّ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ أَوْ أَفْعَالَ (?) الْعِبَادِ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ: إِنَّ سَمَاءَ اللَّهِ وَأَرْضَهُ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ.
وَاللَّهُ تَعَالَى يَخْلُقُ مَا يَخْلُقُ (?) لِحِكْمَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمِنْ جُمْلَةِ الْمَخْلُوقَاتِ مَا قَدْ يَحْصُلُ بِهِ (?) ضَرَرٌ عَارِضٌ لِبَعْضِ النَّاسِ، كَالْأَمْرَاضِ وَالْآلَامِ وَأَسْبَابِ ذَلِكَ، فَخَلْقُ الصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ الَّتِي هِيَ أَسْبَابُهُ (?) مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ. فَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ لِلَّهِ فِي ذَلِكَ حِكْمَةً، (* وَإِذَا كَانَ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ لِحِكْمَةٍ خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ سَفَهًا، وَإِذَا كَانَ الْعِقَابُ عَلَى فِعْلِ الْعَبْدِ الِاخْتِيَارِيِّ لَمْ يَكُنْ ظُلْمًا. فَهَذَا الْحَادِثُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الرَّبِّ لَهُ فِيهِ حِكْمَةٌ *) (?) يَحْسُنُ (?) لِأَجْلِ تِلْكَ الْحِكْمَةِ وَبِالنِّسْبَةِ (?) إِلَى الْعَبْدِ عَدْلٌ، لِأَنَّهُ عُوقِبَ عَلَى فِعْلِهِ، فَمَا ظَلَمَهُ اللَّهُ وَلَكِنْ هُوَ ظَلَمَ نَفْسَهُ.