حِكْمَةً أَوْ رَحْمَةً، وَيُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ لِلْعَبْدِ فِعْلٌ أَوْ قُدْرَةٌ مُؤَثِّرَةٌ. وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ إِلَى الْجَذْمَى وَيَقُولُ: أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ يَفْعَلُ (مَثَلَ) (?) هَذَا؟ إِنْكَارًا لِأَنْ تَكُونَ لَهُ رَحْمَةً يَتَّصِفُ بِهَا، وَزَعْمًا مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ إِلَّا مَشِيئَةٌ مَحْضَةٌ لَا اخْتِصَاصَ لَهَا بِحِكْمَةٍ، بَلْ يُرَجِّحُ أَحَدَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ بِلَا مُرَجِّحٍ.
وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إِنَّهُ لَمْ يَخْلُقْ لِحِكْمَةٍ، وَلَمْ يَأْمُرْ لِحِكْمَةٍ، وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ " لَامُ " كَيْ، لَا فِي خَلْقِ اللَّهِ وَلَا فِي أَمْرِ اللَّهِ. (?) وَهَؤُلَاءِ الْجَهْمِيَّةُ الْمُجْبِرَةُ هُمْ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَالْقَدَرِيَّةُ فِي (?) طَرَفَيْنِ مُتَقَابِلَيْنِ (?) .
وَقَوْلُ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّةِ السُّنَّةِ وَجُمْهُورِهَا لَيْسَ قَوْلَ هَؤُلَاءِ وَلَا قَوْلَ هَؤُلَاءِ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ يَقُولُ بِقَوْلِ جَهْمٍ، فَالْكَلَامُ (?) إِنَّمَا هُوَ فِي أَهْلِ السُّنَّةِ الْمُثْبِتِينَ لِإِمَامَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَالْمُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ. وَهَذَا الِاسْمُ يَدْخُلُ فِيهِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَأَئِمَّةُ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ