وَحَاصِلُ هَذَا الْقَوْلِ مَنْعُ الْقُلُوبِ وَالْأَلْسِنَةِ وَالْجَوَارِحِ عَنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَذِكْرِهِ وَعِبَادَتِهِ، فَهُوَ تَعْطِيلٌ وَكُفْرٌ بِطَرِيقِ الْوَقْفِ وَالْإِمْسَاكِ، لَا بِطْرِيقِ النَّفْيِ وَالْإِنْكَارِ.
وَأَصْلُ ضَلَالِ هَؤُلَاءِ أَنَّ لَفْظَ " التَّشْبِيهِ " لَفْظٌ فِيهِ إِجْمَالٌ، فَمَا مِنْ شَيْئَيْنِ إِلَّا وَبَيْنَهُمَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ يَتَّفِقُ فِيهِ الشَّيْئَانِ (?) . وَلَكِنَّ ذَلِكَ الْمُشْتَرَكَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ فِي الْخَارِجِ بَلْ فِي الذِّهْنِ، وَلَا يَجِبُ تَمَاثُلُهُمَا فِيهِ، بَلِ الْغَالِبُ تَفَاضِلُ الْأَشْيَاءِ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ [الْمُشْتَرَكِ] (?) ، فَأَنْتَ إِذَا قُلْتَ عَنِ الْمَخْلُوقِينَ (?) : حَيٌّ وَحَيٌّ، وَعَلِيمٌ وَعَلِيمٌ، وَقَدِيرٌ وَقَدِيرٌ، لَمْ يَلْزَمْ (4 تَمَاثُلُ الشَّيْئَيْنِ فِي الْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ، وَلَا يَلْزَمُ 4) (?) أَنْ تَكُونَ حَيَاةُ أَحَدِهِمَا وَعِلْمُهُ وَقُدْرَتُهُ نَفْسَ حَيَاةِ الْآخَرِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَلَا أَنْ يَكُونَا مُشْتَرِكَيْنِ فِي مَوْجُودٍ (?) فِي الْخَارِجِ عَنِ الذِّهْنِ.
وَمِنْ هُنَا ضَلَّ (?) هَؤُلَاءِ الْجُهَّالُ بِمُسَمَّى التَّشْبِيهِ الَّذِي يَجِبُ نَفْيُهُ عَنِ اللَّهِ، وَجَعَلُوا ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى التَّعْطِيلِ الْمَحْضِ. وَالتَّعْطِيلُ شَرٌّ مِنَ التَّجْسِيمِ، وَالْمُشَبِّهُ يَعْبُدُ صَنَمًا، وَالْمُعَطِّلُ يَعْبُدُ عَدَمًا، وَالْمُمَثِّلُ أَعْشَى، وَالْمُعَطِّلُ أَعْمَى.
وَلِهَذَا كَانَ جَهْمٌ إِمَامُ هَؤُلَاءِ وَأَمْثَالُهُ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِشَيْءٍ (?) ،