فَإِنَّ السَّفْسَطَةَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: نَوْعٌ هُوَ جَحْدُ الْحَقَائِقِ وَالْعِلْمِ بِهَا. وَأَعْظَمُ مِنْ هَذَا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ عَنِ الْمَوْجُودِ الْوَاجِبِ الْقَدِيمِ الْخَالِقِ: إِنَّهُ لَا مَوْجُودَ وَلَا مَعْدُومَ، وَهَؤُلَاءِ مُتَنَاقِضُونَ، فَإِنَّهُمْ جَزَمُوا بِعَدَمِ الْجَزْمِ.

وَنَوْعٌ هُوَ قَوْلُ الْمُتَجَاهِلَةِ اللَّاأَدْرِيَّةِ الْوَاقِفَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَا نَدْرِي هَلْ ثَمَّ حَقِيقَةٌ (?) وَعِلْمٌ أَمْ لَا. وَأَعْظَمُ مِنْ هَذَا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: لَا أَعْلَمُ وَلَا أَقُولُ: هُوَ مَوْجُودٌ أَوْ مَعْدُومٌ أَوْ حَيٌّ أَوْ مَيِّتٌ.

وَنَوْعٌ ثَالِثٌ قَوْلُ مَنْ يَجْعَلُ الْحَقَائِقَ تَتْبَعُ الْعَقَائِدَ.

فَالْأَوَّلُ نَافٍ لَهَا، وَالثَّانِي وَاقِفٌ فِيهَا، وَالثَّالِثُ يَجْعَلُهَا تَابِعَةً لِظُنُونِ (?) النَّاسِ.

وَقَدْ ذُكِرَ صِنْفٌ رَابِعٌ: وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ: إِنَّ الْعَالَمَ فِي سَيَلَانٍ فَلَا يُثْبِتُ لَهُ حَقِيقَةً. وَهَؤُلَاءِ مِنَ الْأَوَّلِ لَكِنْ هَذَا يُوجِبُهُ قَوْلُهُمْ (?) .

وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ إِمْسَاكَ الْإِنْسَانِ عَنِ النَّقِيضَيْنِ لَا يَقْتَضِي رَفْعَهُمَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015