مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} الآيات (الأنعام: من الآية151) .
فما صدر عنه مما ستقف عليه من الإلحاد والتحريف نشأ عن مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلّم، ونبذ ما جاء به وراء الظهر. ومن له خبرة بتحريف اليهود لنصوص التوراة يعرف قوة المشابهة والمماثلة بينهم وبين هذا المحرف.
واعتبر بما يأتيك تجد ما قلنا صريحاً.
قال في نقله الأول: قال تقي الدين ابن تيمية في الفتاوى ـ بعد أن سئل عن رجل تكلم في مسألة التكفير ـ فأجاب الشيخ بقوله: أصل التكفير للمسلمين من الخوارج والروافض الذين يكفرون أئمّة المسلمين بما يعتقدون أنهم أخطأوا فيه من الدين. وقد اتفق أهل السنة والجماعة على أنّ علماء المسلمين لا يجوز تكفيرهم بمجرد الخطأ المحض، بل كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا النبيّ صلى الله عليه وسلّم. وليس كلّ من يترك قوله لخطأ أخطأه يكفر ولا يفسق، ولا يؤثم. فإن الله قال في دعاء المسلمين: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (البقرة: من الآية286) ، وفي الصحيح عن النّبي صلى الله عليه وسلّم أن الله قال: "قد فعلت" ـ إلى أن قال ـ: ومن المعلوم أن المنع من تكفير علماء المسلمين الذين تكلموا في هذا الباب وإن أخطأوا ـ من أحق الأغراض الشرعية، وهو إذا اجتهد في ذلك وأصاب فله أجران، وإن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد.
والجواب أن يقال:
هذا الكلام من جنس تحريفه الذي قررناه، فإن في هذا تحريفين:
أحدهما: أنه أسقط السؤال، وفرضه في التكفير بالمسائل التي وقع فيها خلاف ونزاع بين أهل السنة والجماعة. والخوارج والروافض فإنهم كفروا المسلمين وأهل السنة بمخالفتهم فيما ابتدعوه، وما أصلوه ووضعوه، وذهبوا إليه وانتحلوه، فأسقط هذا خوفاً من أن يقال دعاء أهل القبور وسؤالهم والاستغاثة بهم ليست من هذا الباب، ولم يتنازع في هذه المسألة المسلمون،