نسبة بينه وبين كلمة العراقي، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والمسلمون يحتجون على مثل هذه المسائل بمثل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} الآية (البقرة: من الآية21) ، وقوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (الفاتحة:5) ، وقوله: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ} الآية (يونس: من الآية106) ، وقوله: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً} الآية (الاسراء:56) ، وقوله: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (المؤمنون:117) ، وقوله: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} (الجن:18) ، ونحو ذلك كثير. وبقوله صلى الله عليه وسلّم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله" والقول المراد هنا الصادر عن علم بمعناها وانقياد لأصول مقتضاها، لا كما ظنّه عباد القبور من أن مجرد اللفظ يكفي مع المخالفة الظاهرة، وعباد الأولياء والصالحين، فإن شهادتهم والحالة هذه وقولهم شبيه بشهادة المنافقين برسالة سيد المرسلين، وقد مرّ لك ما فيها.
وبالجملة: فأدلة تحريم دعاء الصالحين من دون الله لا يمكن حصرها ولا تستقصى، وقد قال هذا الملحد: إنّها شبهة أوهن من بيت العنكبوت، {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً} (الكهف: من الآية5) .
وأما قوله: هذه الأشياء وما أجمعت الأمة على تحريمها، فضلاً عن التكفير بها.
فهذا مبلغ علمه ومنتهى إيمانه وفهمه، وكلّ إناء بالذي فيه ينضح.
فيا منكراً هذا تأخر، فإنه
حرام على الخفاش أن يبصرالشمسا
ونقول: اجتمعت الأمة على تحريم هذا وعلى كفر فاعله إجماعاً ضرورياً، يعرف بالضرورة من دين الإسلام، وبتصور ما جاء به الرسل، واتفاق دعوتهم، فإن كل رسول أول ما يقرع أسماع قومه بقوله: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (لأعراف: من الآية59) ، كما تقدمت أدلة ذلك.
قال شيخ الإسلام أبو العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية