حيث قال: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} الآية (النساء:171) ، وعلى بن أبي طالب رضي الله عنه حرق الغالية من الرافضة، فأمر بأخاديد خدت لهم عند باب كندة، فقذغوا فيها واتفق الصحابة على قتلهم، لكن ابن عباس كان مذهبه أن يقتلوا بالسيف بلا تحريق وهو قول أكثر الصحابة. وقصتهم معروفة عند العلماء. وكذلك الغلو في بعض المشايخ، بل الغلو في علي بن أبي طالب، بل الغلو في المسيح ونحوه. فكل من غلا في نبي أو رجل صالح، وجعل فيه نوعاً من الإلهية، مثل أن يقول: يا سيدي فلان انصرني، أو أغثني، أو ارزقني، أو اجبرني، أو أنا في حسبك، ونحو هذه الأقوال فكلّ هذا شرك وضلال، يستتاب صاحبه. فإن تاب وإلاّ قتل، فإن الله إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب ليعبد وحده، ولا يجعل معه إله آخر. والذين يدعون مع الله آلهة أخرى مثل المسيح والملائكة والأصنام، لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق الخلائق وتنزل المطر وتنبت النبات، إنما كانوا يعبدونهم أو يعبدون قبورهم، أو صورهم ويقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (الزمر: من الآية3) ، ويقولون: {هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (يونس: من الآية18) ، فبعث الله رسوله ينهى أن يدعى أحد من دونه، لا دعاء عبادة، ولا دعاء استغاثة. وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً، أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} (الاسراء: 56 ـ 57) . قال طائفة من السلف: كان أقوام يدعون المسيح وعزيراً والملائكة فأنزل الله هذه الآية. ثم ذكر آيات في المعنى. انتهى.

والمقصود منه: أنه جعل عباد القبور من شر الخوارج المارقين، فهم شر أصناف الخوارج، وقد توقف بعض السلف في تكفير الخوارج، قيل لعلي: أكفار هم؟ قال: من الكفر فرّوا.

وعباد القبور ما رأيت أحداً من أهل العلم الذين يرجع إليهم توقف في كفرهم، غاية ما قالوا: لا يقتل حتى يستتاب، أو لا يكفر حتى تقوم عليه الحجة أو نحو هذا الكلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015