الصالحين والاستغاثة بهم وطلب الحوائج منهم على أنهم واسطة بين العباد وبين الله في الحاجات والملمات والشدائد، وزعم أن هذا ليس بشرك وإنما هو توسل ونداء مستحب شرعاً، وذكر خمسين دليلاً يزعم أنها تدل على دعواه، وتنصر ما قاله وافتراه {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الصافات:180] وتعالى الله عمّا يقول الظالمون، وسنتكلم عليها بما يسره الله لضرورة اقتضت ذلك، وإن كنت لست من رجال تلك المناهج والمسالك.

ولكن البلاد إذا اقشعرت ... وصوح نبتها رُعي الهشيم

قال العراقي: الباب الثاني: في أدلة المجوزين للاستغاثة والتوسل بالأنبياء والصالحين والنذر لهم على أن المراد لوجه الله والثواب لهم، والحلف بغير الله، وما أشبه ذلك. وبيان أدلتهم من الكتاب والسنة وأفعال السلف الصالح وأقوالهم، وهذا الباب إنما نذكره ليتضح لك وجه استنادهم، ويتبين لك كون الشيخين يعذران فاعل ذلك لأجل هذه الأدلة، وقد ذكر جملة منها شيخ الإسلام ابن تيمية في عبارته السابقة، وقد تقدم عنه في اعتذاره عمن يفعل ذلك أنه لعله لم تثبت عنده النصوص، أو عارضها معارض عنده، وهذه الأدلة معارضة لأدلة المانعين فتكون لهم حججاً يعذرهم الله لأجلها.

اعلم أن المجوزين مرادهم جواز الاستغاثة بالأنبياء والصالحين أنهم أسباب ووسائل بدعائهم، وإن الله يفعل لأجلهم، لا أنهم الفاعلون استقلالا من دون الله فإن هذا كفر بالاتفاق، ولا يخطر ببال مسلم جاهل، فضلاً عن عالم، بل ليس هذا خاصاًَ بنوع الأموات، فإن الأحياء وغيرهم من الأسباب العادية كالقطع للسكين، والشبع للأكل، والري للماء، والدفء للبس؛ لو اعتقد أحد أنها فاعلة ذلك بنفسها من غير استنادها إلى الله يكفر إجماعاً.

ثم استدل العراقي بأن السبكي والقسطلاني في المواهب والسمهودي في تاريخ المدينة، وابن حجر في الجوهر المنظم، قالوا: والاستغاثة به صلى الله عليه وسلّم وبغيره في معنى التوسل إلى الله بجاهه ووسيلته، أو بأن يدعو الله كما في حال الحياة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015