أهل العلم وتقييدهم بقيام الحجة وبلوغ الدعوة، ينفي اسم الكفر والشرك والفجور ونحو ذلك من الأفعال والأقوال، التي سمّاها الشارع بتلك الأسماء، بل ويعتقد أن من لم تقم عليه الحجة يثاب على خطأه مطلقاً. وهذه من الأعاجيب التي يضحك منها اللبيب فعدم قيام الحجة لا يغير الأسماء الشرعية، بل يسمي ما سماه الشارع كفراً أو شركاً أو فسقاً باسمه الشرعي. ولا ينفيه عنه وإن لم يعاقب فاعله إذا لم تقم عليه الحجة، ولم تبلغه الدعوة، وفرق بين كون الذنب كفراً وبين تكفير فاعله.
فافهم هذا فإن العراقي خلط فيما مرّ، وخبط خبط عشواء، وسيأتيك في كلامه ما فيه عبرة لأولي الألباب.
وأما الثواب والأجر فنصوص الشارع وكلام أهل العلم وكلام الشيخين صريح في أن ذلك غير حاصل لكل مخطئ، بل هو مخصوص بمن اجتهد واتقى الله ما استطاع، وهذا في المسائل الاجتهادية، ومستنده قوله صلى الله عليه وسلّم: "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر" وقد دل الحديث على أن هذا للحاكم المجتهد، ونفي المؤاخذة بالخطأ والنسيان لا يلزم منه الإثابة بالاتفاق.
فاستصحب هذا معك فيما مر وما يأتي من الأبحاث، فإن القوم زلت أقدامهم ولم يعقلوا عن الله ولا عن رسوله، ولا عن أهل العلم والإيمان ما يراد من الكلام في هذه المباحث، بل ولا في كل باب وشأن إلا أن يشاء ربي شيئاً.
وأما قوله: "بل ورد إطلاق الشرك في حق سيدنا آدم عليه السلام الذي هو نبي معصوم" فهذه العبارة من نوادر هؤلاء الضّلال، ومن أعجب ما يحكى ويقال، جزم بإطلاق الشرك على آدم عليه السلام، ثم قال: هو نبي معصوم ما زال هذا المعترض في مشيمة طبعه وجاهليته، ولم يولد بعد، هذا جمع بين النقيضين، وجهل لا يخفى على ذي سمع وعين، ومن قال بالعصمة مطلقاً فقد أول هذه الآية، وحملها على غير آدم كما هو معروف ومقرر عند أهل