ذلك، كما قدمناه لك من كلامهما، ومن اتصف بشيء من هذه الأمور فهو مغفور له، ومثاب على فعله فقاتل الله من ينقل عنهما خلاف مذهبهما.
والجواب أن يقال:
سقنا كلام العراقي ليعلم الواقف عليه حاصل ما عند هذا المفتري وأنه في ظلمات الجهل والشرك والهوى، وفي كلامه من الهجنة واختلال النسق والنظام ما يستبين به أنه أجنبي عن هذه الصناعة، وأنه مزجي التجارة والبضاعة، فلله الحمد لا أحصي ثناء عليه، خذل هؤلاء الحيارى بعدله وحكمته، وأقام الحجة وواجب الشكر على أهل فضله ونعمته.
أما اعتراضه على شيخنا في قوله: "إن السيد يطلق بمعى الإله، وإن العرب تقصد من لفظ الإله ما يقصده كثير من أهل هذا الوقت بلفظ السيد" فهذا اعتراض باطل، نشأ من جهل المعترض باللغات والاصطلاحات والأوضاع العرفية، والعبرة بالمعنى والحقيقة وإن تغيرت اللغة، ونقلت لاصطلاح أو عرف، والاسم الواحد قد يختلف معناه لاختلاف مسماه فيكون له معنى في أصل اللغة ثم لا يخصه إلا الاصطلاح بمعنى أخص، ثم ينقله العرف الحادث والحكم يدور مع علته من عبد شيئاً وتألهه وقال: هذا مولى أو ولي أو سيد لم يغير ذلك الاسم حقيقته، وأنه إله معبود، وكلام الشيخ لايدل إلا على هذا، وليس فيه أن السيد في كل لسان وكل لغة يقصد بها الإله، هذا كذب وبهت على الشيخ، لم يقله ولا دل عليه كلامه، وهذا العراقي أفاك أثيم قد خلع جلباب الحياء والدين. وإنما قال الشيخ: إن المشركين الأولين كانوا يقصدون من لفظ الإله ما يقصده أهل زماننا بلفظ السيد، وهذا صحيح، فإن السيد عند أكثر المشركين في هذه الأزمان هو الذي يدعى ويستغاث به في الشدائد ويرجى للنوازل، ويحلف باسمه، وينحر له على وجه التعظيم والقربة. وبعضهم يطلق على ذلك اسم الولي، كما هو اصطلاح أهل مصر. وبعضهم يسمي هذا المعنى السر، فيقول: فلان فيه سر، ومن أهل السر.