عن ابن عبد البر أن قوله: "أفلح وأبيه إن صدق" غير محفوظة من وجه صحيح، والحلف بغير الله تعظيم يشبه تعظيم الرب تبارك وتعالى.
وبهذا تعرف الراجح الذي اختاره الشيخ وغيره، والشيخ في كتاب التوحيد استدل على هذه المسألة وترجم عليها بقول الله تعالى: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: من الآية22] وساق حديث ابن عمر، وقول ابن عباس في معنى الآية، ومنه: والله وحياتك.
قلت: ولأهل العلم عن حديث: "أفلح وأبيه"، وحديث أبي العشراء أجوبة معروفة في محلها، منها: أن هذا مما لا يقصد به اليمين، بل هو مما جرى على ألسنتهم من غير قصد، مثل قوله: "تربت يداك"، "ثكلتك أمك"، "ويح عمار" ونحو هذا.
وقيل: إن ذلك منسوخ، واستدل القائل بما لا يمكن دفعه وبعضهم تكلم في السند كما تقدم عن أحمد في حديث أبي العشراء، وقال النووي في الكلام على قوله صلى الله عليه وسلّم: "أفلح وأبيه إن صدق" هذا مما جرت به عادتهم يسألون عن الجواب عنه مع قوله صلى الله عليه وسلّم: "من كان حالفاً فليحلف بالله"، وقوله صلى الله عليه وسلّم: "إن الله يناهكم أن تحلفوا بأبائكم".
وجوابه: أن قوله صلى الله عليه وسلّم: "أفلح وأبيه" ليس هو حلفاً، إنما هو كلمة جرت عادة العرب أن تدخلها في كلامها غير قاصدة بها الحلف، والنهي إنما ورد فيمن قصد حقيقة الحلف، لما فيه من إعظام المخلوق ومضاهاته به سبحانه وتعالى. فهذا هو الجواب المرضي، وقيل: يحتمل أن يكون هذا قبل النهي عن الحلف بغير الله، والله أعلم.
قال العراقي: النقل الخمسون: قال ابن عبد الوهاب في مختصره: لو قال: "لعمري" أو "لعمرك" فليس بيمين في قول الأكثر، وقال الحسن في قوله: "لعمري" كفارة انتهى.
ومعلوم أن لعمري أو لعمرك قسم بغير الله بلا نزاع ولكن الأكثر ما أوجب