فصل:

ومن الشرك به سبحانه وتعالى: الشرك فى اللفظ كالحلف بغيره، كما روى أحمد وأبو داود عنه صلى الله عليه وسلّم: "من حلف بغير الله فقد أشرك" صححه الحاكم وابن حبان، ومن ذلك قول القائل للمخلوق: ما شاء الله وشئت، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال له رجل: "ما شاء الله وشئت. قال: أجعلتني لله نداً؟! قل ما شاء الله وحده". هذا مع أن الله قد أثبت للعبد مشيئة لقوله تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} [التكوير:28] فكيف بمن يقول: أنا متوكل على الله وعليك، وأنا فى حسب الله وحسبك، ومالى إلا الله وأنت، وهذا من الله ومنك، وهذا من بركات الله وبركاتك، والله لى فى السماء وأنت لي فى الأرض، أو يقول: والله وحياة فلان، أو يقول: نذر لله تعالى ولفلان، وأنا تائب لله ولفلان، وأرجو الله وفلانا ونحو ذلك؟ فوازن بين هذه الألفاظ وبين قول القائل: "ما شاء الله وشئت" ثم انظر أيها أفحش؟ يتبين لك أن قائلها أولى بجواب النبي صلى الله عليه وسلّم لقائل تلك الكلمة، وأنه إذا كان قد جعله لله نداً بها فهذا قد جعل من لا يداني الرّسول صلى الله عليه وسلّم في شيء من الأشياء ـ بل لعله أن يكون من أعدائه ـ نداً للربّ تعالى ربّ العالمين، فالسجود والعبادة والتوكل والانابة والتقوى والخشية والحسب والتوبة والنذر والحلف والتسبيح والتكبير والتهليل والتحميد والاستغفار وحلق الرأس خضوعاً وتعبداً والطواف بالبيت والدعاء كل ذلك محض حق الله عز وجل لا يصلح ولا ينبغي لسواه من ملك مقرب ولا نبي مرسل. وفى مسند الإمام أحمد رضي الله عنه: "أن رجلا أتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلّم وقد أذنب ذنباً، فلما وقف بين يديه، قال: اللهم إنّي أتوب إليك ولا أتوب إلى محمد فقال قد عرف الحق لأهله".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015