وأما الشرك فى العبادة فهو أسهل من هذا الشرك، وأخف أمراً فإنه يصدر ممن يعتقد أنه لاإله إلا الله. وأنه لا يضر وينفع ويعطى ويمنع إلا الله عزّ وجلّ. وأنه لا إله غيره، ولا ربّ سواه، ولكن لا يخلص لله معاملته وعبوديته، بل يعمل لحظ نفسه، ولطلب الدنيا تارة، ولطلب الرفعة والمنزلة والجاه عند الخلق تارة، فلله تعالى من عمله وسعيه نصيب. هذا حال أكثر الناس وهو الشرك الذي قال فيه النبي فيما رواه ابن حبان فى صحيحه: "الشرك فى هذه الأمة أخفى من دبيب النمل! قالوا: وكيف ننجوا منه يا رسول الله؟ قال: قل اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم" فالرياء كله شرك. قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [الكهف:110] أي كما أنه إله واحد لا إله سواه، فكذلك ينبغي أن تكون العبادة له وحده، فكما تفرد بالالهية يجب أن يفرد بالعبودية، فالعمل الصالح هو الخالى من الرياء المقيد بالسنة. وكان من دعاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "اللهم اجعل عملى كله صالحاً واجعله لوجهك خالصاً، ولا تجعل لأحد فيه شيئاً".
وهذا الشرك فى العبادة يبطل ثواب العمل، وقد يعاقب عليه، إذا كان العمل واجباً، فإنه ينزله منزلة من لم يعمله فيعاقب على ترك الأمر، فان الله سبحانه إنما أمر بعبادته خالصة، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ