قال ابن جرجيس: النقل الثلاثون: "قال الشيخ في هذا الكتاب في موضع آخر: "وإذا اعتقد وجوب بما أنزل الله وعلمه في هذه الواقعة وعدل عنه مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة، فهذا عاص، ويسمى كافراً كفراً مجازياً أو كفراً أصغر، وإن جهل حكم الله فيها مع بذل جهده، واستفراغ وسعه في معرفة الحق، فهذا مخطئ له أجر على اجتهاده، وخطؤه مغفور له" انتهى.
والجواب أن يقال:
كلام الشيخ في الحكم بين الناس والقضاء فيما بينهم من الخصومات، لا فيما يعم أصول الدين، ودعاء الأموات، وسياق كلام الشيخ صريح في هذا، فإن هذه المسألة معروفة مشهورة، كما قال ابن عباس: "كفر دون كفر، وظلم دون ظلم" عند الكلام على قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: من الآية44] .
وقوله: وإن جهل حكم الله فيها ـ إلى آخر العبارة: دليل على أن الكلام في المسائل الاجتهادية، فأين هذا من دعاء الأموات، والاستغاثة بغير الله؟ مع أن الشيخ قد قرّر على حديث القضاة ثلاثة: أن الجاهل الذي ليس له أهلية اجتهاد داخل في الوعيد، كما هو نص الحديث. فالعراقي ملبوس عليه، لا يفهم كلام الشيخ ومع ذلك فالهوى قد أعمى بصيرته، وحال بينه وبين الفهم، فسبحان من طبع على قلبه: {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الروم:59] .