والنذر، واليمين، ومن ذكر غير اسم الله على ذبيحته فهي ميتة يحرم أكلها ولو أشرك مع اسمه تعالى أحداً، كقوله: بسم الله ومحمد صلى الله عليه وسلّم، بواو العطف. فكذا تحرم ذبيحته، وكذا لو ترك اسم الله عمداً على الذبيحة، لا تؤكل عندنا، فهي ميتة لصريح قوله عز وجل: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} الآية [الأنعام: من الآية121] فترك المؤمن ذكر الله تعالى عمداً كذكر غيره، نعم لو قال: هذا النذر لله يذبح في مكان كذا ويصرف على جماعة فلان أو على رباط فلان، فلا بأس به، كما في الوقف على فلان وفلان، فإن قوله: "لله" مالك له، وتصرف غلته على من عينه الواقف، وكذا هنا.
والحاصل أن النذر لغير الله تعالى فجور، فمن أين لهم الأجور؟ وكذا الذبائح من قال: إن هذا النذر لفلان وهذه الذبيحة لفلان، فهو من العصيان، ومن نذر لله ذبحاً أو غيره، قال: يذبح بمكان كذا ويأكله قوم جاز والله الهادي.
قلت: إذا نذر لله وجعل مصرفه على السدنة والمجاورين عند القبور فهو نذر معصية لا يجوز، ويجب صرفه في القرب الشرعية، كالحجاج والمعتكفين في المساجد وقد ذكر هذا غير واحد، والمنع منه لما فيه من الإعانة على العكوف عند القبور. الذي هو من أكبر الوسائل والذرائع إلى عبادتها ودعائها.
قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: من الآية2] وفي الحديث: "إن رجلاً نذر أن ينحر إبلاً ببوانة، قبل إسلامه، فلما أسلم سأل النبي صلى الله عليه وسلّم عن نذره، فقال: هل كان بها وثن من أوثان الجاهلية؟ قال: لا، قال: هل كان بها عيد من أعياد الجاهلية؟ قال: لا، قال: فأوف بنذرك" ففيه المنع من عبادة الله في أماكن الشرك وعبادة غيره، للمشابهة الصورية، وإن لم نقصد، فكيف بالذرائع والوسائل القريبة المفضية إلى عين الشرك، ونفس المحذور الأكبر؟
فقف وتأمل إن كان لك بصيرة تدرك بها أسرار الشريعة.