تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: من الآية193] ، والفتنة الشرك. وقال تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} [التوبة: من الآية36] ، وقال: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: من الآية5] .

ومن نازع في أن دعاء الصالحين وعبادتهم واتخاذهم أنداداً لله رب العالمين ليس من الشرك، واعتقد ونازع في عدم دخولهم في مثل هذه الآيات، ورأى أنهم من المسلمين: فهذا رجوع منه إلى أصل المسألة. والنزاع في مسمى الإسلام والشرك، والكلام معه في كشف شبهته وتقرير الدليل على أن هذا هو الشرك المبيح للدم والمال.

وقد عرفت أن هذا هو أصل الإشكال عندهم، وسببه ما عرض لهم من الشبهات المانعة من إدخال الواقع في مسمى الشرك والكفر، كقولهم: نحن نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ونصوم ونصلي، ونؤمن بالبعث، وقولهم: هذا توسل ليس بدعاء، وقولهم: دعاء الصالحين والأولياء ليس كدعاء الأوثان والأصنام. وقولهم في بعض الأدلة والآيات: هذه في الأصنام. وقول بعضهم: المشركون يعتقدون لها التأثير والتدبير، ونحن نجعلها وسائل وشفعاء ونحو ذلك، وقول بعضهم: إن الله أعطاهم الشفاعة، ونريد منهم مجرد الجاه والشفاعة، وقولهم: إن الله أكرمهم بالكرامات، ولهم ما يشاءون عند ربهم.

وهذه الشبهة كشفها القرآن وبينها، وسجل على جهالة أهلها، وكلها أوردها العراقي هنا مفرقة في كلامه، وسيأتيك ردها وكشفها مفصلا بحول الله ومنته.

وقد تكلم شيخنا في كتابه كشف الشبهات على أكثرها؛ فراجعه إن شئت، فإنه مفيد مع اختصاره ولطافة حجمه.

وأما من سلم هذا ولم ينازع فيه؛ وعرف أنه هو شرك جاهلية العرب، فإنه يعرف حينئذ حكم الأموال والدماء بنصوص الكتاب والسنة الظاهرة المستفيضة، وسيرته صلى الله عليه وسلّم في دماء المشركين وأموالهم، والشروط المعتبرة كبلوغ الحجة وتقدم الدعوة، حصلت من شيخ الإسلام رحمه الله، بل من وقف في على سيرته وما ذكره المؤرخون في بدء دعوته، مثل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015