صواب، والاستدلال بالحكاية خروج عن موضوعها وموضوع الكتاب الذي سيقت فيه، وابن القيم قرر في غير موضع أن دعاء الموتى هو أصل شرك العالم، وأنه من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة منه بالكفر بالطاغوت وإخلاص الدين والعبادة لله وحده، وقرر ذلك في كتاب الإغاثة، وشرح المنازل، والدواء الشافي، وكتاب الهدي، وغير ذلك من مصنفاته، وسياق الحكاية صريح في أنها كرامة لأبي بكر وعمر، وإن الله هو الفاعل للكرامة، ودخول في دين عباد الكواكب والأصنام. وإنما ساق كلامهما دليلاً لو قالا إن الرسول قد فعل ذلك وأنه يستغاث به بعد موته، على أنه لا يسلم لهما، وإن قالاه، وقد حماهما الله عن ذلك وصان قدرهما عنه.

وقد مرّ في جواب الوجه السابع وما بعده من النقول عن اقتضاء الصراط المستقيم: أن الكائنات لا يحاط بأسبابها، وأنها ليست من الأدلة على الأمر والنهي والوجوب والاستحباب، والجواز والإباحة، وقد يكون السبب رحمة الله ونصره لأوليائه، وحاجة المضطر وفاقته. فالمضطر قد يستجاب له ولو دعا الله في الحانات والأسواق. قال تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} الآية [النمل: من الآية62] ، فالجزم بأن الرسول هو الذي أجابه، والقول بذلك قول بلا علم، وتحكم بلا دليل ولا فهم، والعراقي ليس له عناية ولا معرفة بصناعة العلم والاستدلال، فهو كحاطب ليل أو حاطم سيل، ما وجده أخذه، وما اشتهاه قاله، من غير أصل يرجع إليه، ولا دليل يعول عليه، والله المستعان.

وقد مرّ أنه قد يستجاب لعباد الأصنام ونحوهم، وأن ذلك ليس بدليل، وإن طرده كفر متناه ـ كل هذا تقدم مستوفى، ويأتيك تمام الجواب بعد الحكاية التي تلي هذا.

قال العراقي: "الوجه العشرون: وقال ابن القيم: قال الشيخ كمال الدين بن العديم في تاريخ حلب: قال أخبرني أبو العباس أحمد بن عبد الواحد عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015