منكرها من الخوارج والرافضة، ومعلوم أن الكرامة لا تنشأ عن فعل محرم، فلو كانت الاستغاثة محرمة لما عدّها الشيخ وغيره كرامة، بل حينئذ تكون استدراجاً، على أن الشيخ ذكر أن المجتهد والمقلد والمؤول الذي له حسن قصد لا يكون ذلك بالنسبة إليه محرماً، بل يكون جائزاً أو مستحباً لنسبته لاعتقادهم، وهذا ظاهر لا غبار عليه إلا على من طمس الله بصيرته" انتهى.
والجواب أن يقال:
سياق الكلام ومقتضى التقرير في كلام الشيخ الذي نقله العراقي نفي الولاية بهذه المذكورات، ونفي الاستدلال عليها بالمكاشفة وخوارق العادة، ورؤية المستغاث به من الغائبين والأموات، والإخبار بما سرق وبحال الغائب والمريض. وقرر أن هذا ونحوه لا يدل على الولاية أصلاً. وأن أولياء الله متفقون على أن الرجل لو طار في الهواء ومشى على الماء لم يغتر به، حتى يتقيد بمتابعة الرسول موافقته لأمره ونهيه، وهذا تصريح من الشيخ بنفي الاستدلال بهذا على الولاية وإبطاله. وليس فيه تسليم مجئ المستغاث به الميت أو الغائب إلى المستغيث وأنه يقضي حاجته وأنه يستدل به على الولاية، كما زعم العراقي. بل هو قد ذكر قوله: "فرآه" فأسند الرؤية إلى المستغيث، وقرر في هذا الكتاب وفي غيره أن الإنسان قد يرى بواسطة الشياطين أشخاصاً وأشباحاً يتراءون لمن يدعو غير الله، ويستغيث به، ويظهرون لهم في صورة من يعتقدونه من المشايخ والصالحين، وأن المستغاث به لا شعور له ولا دراية له بذلك أصلاً. وقد مرّ هذا فيما نقلناه من كلامه في كتاب اقتضاء الصراط المستقيم، ونزيده إيضاحاً هنا.
فكلام الشيخ في نفي الاستدلال بهذا على الكرامة، وأنه ليس منها. والعراقي صرف العبارة عن مدلولها، وصدف عنها، ونسب إلى الشيخ ما لا يحتمله كلامه بوجه من الوجوه {فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: من الآية44] .
قال الشيخ رحمه الله: "والطلب من النبي صلى الله عليه وسلّم بعد موته وفي مغيبه ليس