متساويان في الفضل، بل وثلاثة وأربعة، وأكثر، ولا يجزم بألا يكون في كل زمان أفضل الناس إلا واحدًا، وقد يكون جماعة بعضهم أفضل من بعض بوجه من وجوه، وبعضهم أفضل من بعض، وتلك الوجوه، إما متقاربة وإما متساوية.
ثم إذا كان في الزمان رجل هو أفضل أهل الزمان فتسميته الغوث الفرد الجامع بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، ولا تكلم بهذا أحد من سلف الأمة وأئمتها، وما زال السلف يظنون في بعضهم أنه أفضل أو من أفضل زمانه ولا يطلقون عليه هذه الأسماء التي ما أنزل الله بها من سلطان، لا سيما أن من المنتحلين لهذا الاسم من يدعي أن أول هؤلاء الأقطاب هو: الحسن بن على بن أبي طالب رضي الله عنهما ثم يتسلل الأمر إلى من دونه إلى بعض مشايخ المتأخرين، وهذا لا على مذهب أهل السنة، ولا على مذهب الرافضة. فأين أبو بكر وعمر وعثمان وعلى والسابقون من المهاجرين والأنصار؟ ! والحسن عند وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان قد قارب سن والاحتلام.
وقد حكي عن بعض الأكابر من الشيوخ المنتحلين لهذا الاسم: إن القطب الفرد الغوث الجامع ينطبق علمه على علم الله، وقدرته على قدرة الله، فيعلم ما يعلمه الله، ويقدر على ما يقدر عليه الله. وزعم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان كذلك، وأن هذا انتقل عنه إلى الحسن، فيتسلسل إلى شيخه. فبينت له أن هذا كفر صريح، وجهل قبيح، وأن دعوى هذا في الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كفر، دع ما سواه، وقد قال تعالى: {قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ} [الأنعام: 50] ، وقال تعالى: {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللهُ} الآية [الأعراف: 188] ، وقال تعالى: {يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا} ، وقال تعالى: {يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [آل عمران: 154] ، وقال تعالى: {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ} والآية بعدها [آل عمران: 127، 128] ، وقال تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء} [القصص: من الآية 56] .
والله تعالى قد أمرنا أن نطيع رسوله وقد قال تعالى: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ} [النساء: 80] ، وأمرنا أن نتبعه قال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فاتَبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ} [آل عمران: 31] ، وأمرنا أن نعزره ونوقره وننصره، وجعل له من الحقوق ما بينه في كتابه وسنة رسوله، حتى أوجب علينا أن يكون أحب إلينا