والسبعون إلى الأربعين، والأربعون إلى السبعة، والسبعة إلى الأربعة، والأربعة إلى الواحد. وبعضهم قد يزيد في هذا وينقص في الأعداد والأسماء والمراتب؛ فإن لهم فيها مقالات متعددة حتى يقول بعضهم: إنه ينزل من السماء على الكعبة خضر باسم غوث الوقت، واسم مصره على قول من يقول منهم: إن الخضر هو مرتبة، وإن لكل زمان خضرًا، فإن لهم في ذلك قولين وهذا كله باطل لا أصل له في كتاب الله ولا سنة رسوله، ولا قاله أحد من سلف الأمة ولا أئمتها، ولا من المشايخ الكبار المتقدمين الذين يصلحون للاقتداء بهم. ومعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأبا بكر وعمر وعثمان وعلياً كانوا خير الخلق في زمنهم، وكانوا بالمدينة، ولم يكونوا بمكة.

وقد روى بعضهم حديثًا في هلال غلام المغيرة بن شعبة، وأنه أحد السبعين. والحديث كذب باتفاق أهل المعرفة، وإن كان قد روى بعض هذه الأحاديث أبو نعيم في حلية الأولياء، والشيخ أبو عبد الرحمن السلمي في بعض مصنفاته، فلا تغتر بذلك؛ فإنهما يرويان الصحيح والحسن والضعيف والموضوع، والكذب، ولا خلاف بين العلماء في أنه كذب موضوع. وتارة يروونه على عادة أهل الحديث الذين يروون ما سمعوه ولا يميزون بين صحيحه وباطله، وكان أهل الحديث لا يروون مثل هذه الأحاديث؛ لما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " من حدث عني بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين ".

وبالجملة، فقد علم المسلمون كلهم أن ما ينزل بالمسلمين من النوازل الرغبة والرهبة؛ مثل دعائهم عند الكسوف والاستسقاء لنزول الرزق، ودعائهم عند الكسوف، والاعتداد لدفع البلاء، وأمثال ذلك، إنما يدعون في ذلك الله وحده لا يشركون به شيئًا، لم يكن للمسلمين أن يرجعوا بحوائجهم إلى غير الله، بل كان المشركون به في جاهليتهم إذا اشتد بهم الكرب يدعونه بلا واسطة فيجيبهم الله، أفَتَرَاهم بعد التوحيد والإسلام لا يجيب دعاءهم إلا بهذه الواسطة التي ما أنزل الله بها من سلطان؟ قال تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ} الآية [يونس: 12] ، وقال: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ} الآية [الإسراء: 67] ، وقال تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015