أصحابه، ولم يكونوا يفعلون شيئاً من ذلك؛ لا في مغيبه، ولا بعد مماته. وهؤلاء المشركون يضمون إلى الشرك الكذب، فإن الكذب مقرون بالشرك، قال تعالى: {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} [الحج: 30: 31] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " عَدَلت شهادة الزور الإشراك بالله " مرتين، أو ثلاثاً. وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} [الأعراف: 152] ، وقال الخليل عليه السلام: {أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات: 86: 87] .
فمن كذبهم أن أحدهم يقول عن شيخه: إن المريد إذا كان بالمغرب وشيخه بالمشرق وإن كشف غطاؤه رده عليه، وإن أي شيخ إن لم يكن كذلك لم يكن شيخاً. وقد تغويهم الشياطين، كما تغوى عبّاد الأصنام كما كان جرى للعرب في أصنامها، ولعباد الكواكب وطلاسمها من الشرك والسحر، كما يجرى للترك، والهند، والسودان، وغيرهم من أصناف المشركين؛ من إغواء الشياطين لهم ومخاطبتهم ونحو ذلك. فكثير من هؤلاء من يجرى له نوع من ذلك، سيما عند سماع المكاء والتصدية؛ فإن الشياطين تتنزل عليهم، فتصيب أحدهم بمثل ما يصيب المصروع: من الأرعاد، والأزباد، والصياح المنكر، ويكلمه بما لا يعقله هو والحاضرون، وأمثال ذلك مما يمكن وقوعه في هؤلاء الضالين.
وأما القسم الثالث: وهو أن يقول: اللهم بجاه فلان عبدك، أو ببركة فلان عبدك، أو لحرمة فلان عبدك، افعل كذا وكذا. فهذا يفعله كثير من الناس، لكن لم ينقل عن أحد من الصحابة والتابعين وسلف الأمة أنهم كانوا يدعون بمثل هذا الدعاء، ولم يبلغنى عن أحد من العلماء في ذلك ما أحكيه، إلا ما رأيت في فتاوى الفقيه أبي محمد العز بن عبد السلام. فإنه أفتى: بأنه لا يجوز لأحد أن يفعل ذلك؛ إلا بالنبي صلى الله عليه وسلم إن صح الحديث في النبي صلى الله عليه وسلم. ومعنى هذا الاستثناء أنه قد روى النسائى والترمذى وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: "علم بعض أصحابه أن يدعو فيقول: " اللهم إنى أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا رسول الله، إنى أتوسل بك إلى ربى في حاجتى ليقضيها لى.