سيأتيك عنه مفصلا إن شاء الله. قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمَّنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [فصلت:40] .
وقوله: ممن يتوسل بالأنبياء والصالحين من أهل القبور ويناديهم، ويستغيث بهم إلى آخره.
يريد به: ما سيأتي في كلامه من أن دعاء الصالحين والاستغاثة بهم فيما لا يقدر عليه إلا الله يسمى توسلاً عنده وتشفعاً. وهذا فرار منه أن يسميه شركاً وكفراً وهذا من جنس جهله بالأسماء والمسميات. وسيأتيك رد كلامه هناك، وأن التوسل صار مشتركا في عرف كثيرين، وأن العبرة بالحقائق لا بالأسماء، وأن الله سمى هذا شركاً وعبادة لغيره في مواضع من كتابه. كل هذا يأتيك مفصلا، فإياك أن تغتر بالإلحاد وتغيير الأسماء؛ فقف مع الحدود الشرعية، واعتبر بالحقائق تعرف أن هؤلاء مشركون وثنيون، عباد قبور. لا يستريب في ذلك إلاّ جاهل بأصل الإسلام لم يدر ما جاءت به الرسل الكرام.
وهذا الضرب من الناس ـ أعني عبّاد القبور ـ يحسنون الظن بأنفسهم ويرون أنهم أهل سنة وجماعة. وهكذا أهل كل ملة ونحلة وبدعة. وقد قال تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} [الكهف:103ـ104] ، وقال تعالى: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [لأعراف: من الآية30] .
وما أحسن قوله تعالى في قضائه بين إبراهيم وقومه: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام:82] .
ومن عادة هذا العراقي: أنّه إذا رأى عبارة في مدح أهل السنة والجماعة وعدم تكفيرهم ادّعاها لنفسه وشيعته من عباد القبور والصالحين، والمتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور.