فصل

قال العراقي: في النقل الرابع: قال في الفتاوى أيضاً في جواب من سأله فيمن قال: لا يستغاث بالنّبي صلى الله عليه وسلّم هل يحرم عليه هذا القول؟ وهل هو كافر به أم لا؟ وإن استدل بآية من كتاب الله وأحاديث النّبي صلى الله عليه وسلّم أم لا؟ وإذا قام الدليل من الكتاب والسنة، فما يجب على من خالف ذلك والحالة هذه؟ الجواب: الحمد لله، قد ثبت بالسنة المستفيضة، بل المتواترة، واتفاق الأمة: أن نبينا صلى الله عليه وسلم الشافع المشفع في الخلائق يوم القيامة وأن الناس يستشفعون به، ويطلبون منه أن يشفع لهم إلى ربه.

وأما الخوارج والمعتزلة فأنكروا شفاعته لأهل الكبائر، فهؤلاء مبتدعة ضُلال، وفي تكفيرهم نزاع وتفصيل. وأما من أنكر ما ثبت بالتواتر والإجماع فهو كافر بعد قيام الحجة عليه، سواء سمى هذا استغاثة أو لم يسمه. وأما من أقر بشفاعته وأنكر ما كان الصحابة يفعلونه من التوسل به والاستشفاع به، فمن أنكر هذا فهو ضال مخطئ مبتدع، وفي تكفيره نزاع وتفصيل.

والتوسل به نحو ذلك ولكن قال: لا يدعى إلا الله وأن الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله لا تطلب إلا منه، مثل غفران الذّنوب، وهداية القلوب، وإنزال المطر، وإنبات النبات، ونحو ذلك ـ فهذا مصيب في ذلك. روى الطبراني: "أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم منافق، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: قوموا بنا نستغيث بالنّبي صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنه لا يستغاث بى، وإنما يستغاث بالله "، فهذا إنما أراد به النبي صلى الله عليه وسلم المعنى الثاني، وهو أن يطلب منه ما لا يقدر عليه إلا الله، وإلا فالصحابة كانوا يطلبون منه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015