وفي كلام الشيخ: " أن الكفر يكون بإنكار ما علم من الدّين بالضرورة، وبإنكار ما أجمع عليه أو ما تواتر" وقد أعمى الله بصيرة العراقي عن هذا، كيف يكرر فيما تقدم أن دعاء القبور والتوسل بمسألة أربابها والاستغاثة بهم من مسائل الاجتهاد، التي يكفر المخطئ فيها، ولا يؤثم؟ بل هو مأجور. ثم يكتب بيده عن الشيخ الذي نسب إليه ما تقدم من إفكه أن الكفر يكون بإنكار ما علم بالضرورة أو ما أجمع عليه أو ما تواتر.
ومسألة المخلوق والاستغاثة به فيما لا يقدر عليه إلا الله تحريمها والمنع منها من الضروريات عند كل من تصور الإسلام وتحريمها مجمع عليه، والنهي عنها متواتر. فسبحان من طبع على قلبه، والذي جزم الشيخ أن أدلتها ليست ظاهرة جلية هي مسألة سؤال الله بجاه رسوله كأن يقول، ما في الحديث: "اللهم إني أتوجه إليك بنبيك أو أسألك بجاه نبيك" فالموسؤول هو الله، والمتوجه به عبده ورسوله. هذه هي أدلة جوازها خفية على القول به، فلا يكفر منكرها. وليست من مسألة المخلوقين في شيء أصلاً، وهذه هي المشبهة بالصلاة عليه عند الذبح.
وقول العراقي: لا يقال مراد الشيخ قول القائل: اللهم إني أسألك بجاه محمد أو بحرمته، لأنّا نقول: جواب الشيخ مبني على السؤال، والسؤال إنما هو الاستغاثة لا التوسل.
يقال في جوابه: هذا المنع جهل صرف وتخليط محض، لا يصدر عمن يتصور ما يقول، فإن السؤال في الاستغاثة والتوسل، والسائل جعل الاستغاثة توسلاً، فرد عليه الشيخ وكذبه؛ وجزم بأن هذا لا يعرف في لغة أحد من الأمم وميز الشيخ ما في السؤال من اللّبس، فمنع الاستغاثة بغير الله، وقرّر أنّها لا تجوز وأنّ من منعها فقد قال الحق؛ وأن من ردّ أخبار الرسول بقصد التعظيم فهو يشبه النصارى في غلوهم في المسيح، وتكذيبه فيما أخبر به عن نفسه من العبودية وتكلم على المسألة الأخرى، وهي سؤال الله بجاه نبيه وسمّاها توسّلاً ومنع من تسميتها استغاثة؛ وحكى فيها لهم قولين: قولاً بالمنع في مغيبه وبعد موته وحملوا الحديث على التشفع بدعائه في حياته فقط، وقولاً