ومنتهاها وأنه وصف ذات، لا ينفك عنه كسائر أوصافه الذاتية المقدسة، ودعاء غير الموصوف بهذا الوصف وقصد من دونه، والتعرض للوسائط والشفعاء، سوء ظن بصفات كماله، ونعوت جلاله، وإنما دعا إلى عبادته ودعائه والاستعانة به ما اتصف به من الصفات المقدسة، والنعوت الكاملة الجميلة.
واستدلوا على ذلك بقول الخليل عليه السلام لقومه: {فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (الصافات:87) ، قالوا: أي فما ظنكم به أن يجازيكم وقد عبدتم معه غيره؟ وما الذي ظننتم به حتى جعلتم له شركاء؟ أظننتم أنه محتاج إلى الشركاء والأعوان؟ أم ظننتم أنه يخفى عليه أحوال عباده، حتى يحتاج إلى شركاء يعرفونه بها كالملوك؟ أم لا يقدر وحده على الاستقلال بتدبيرهم وقضاء حوائجهم؟ أم هو قاس، فيحتاج إلى شفعاء يستعطفونه على عباده؟ أم ذليل فيحتاج إلى ولي يتكثر به من القلة، ويتعزز به من الذلة؟ أم محتاج إلى ولد فيتخذ صاحبة يكون الولد منه ومنها؟ تعالى الله عن ذلك كله علواً كبيراً، ولو قدره المشركون حق قدره لما أشركوا به.
وكذلك اسمه تعالى "الرحيم" فإنه يدل على أنه بالغ في الرحمة غايتها، وأن رحمته عمت عباده ووسعت خلقه، فما بهم من النعم والإحسان والعطايا الباطنة والظاهرة فآثار رأفته ورحمته. ومن هذا فعله وهذا وصفه كيف يعدل المضطر إلى غيره في ضروراته وحاجته وملماته؟ وفي الحديث القدسي: "يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم" الحديث بطوله، ومن رحمته وتودده إلى عباده: أنه ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا فينادي: "هل من سائل فأعطيه؟ هل من داع فأستجيب له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ " الحديث معروف مشهور. وفي بعض الإسرائيليات: أن الله يقول: "ابن آدم، اطلبني تجدني، فإن وجدتني وجدت كلّ شيء، وإن فتك فاتك كل شيء" وهذا قرروه بهذا المعنى في التفسير. وفي الكلام على شرح الأسماء الحسنى وفي