وفي الأسباب ما لا يمكن الاستغناء عنه كألف متفاعلن مع السلامة من الإضمار ونون مفاعلتن مع السلامة من العصب. فسواكن هذه الأسباب مع سلامة الأجزاء ضرورية الثبات في حفظ بنية الوزن، فهي جارية مجرى الأوتاد بل هي أوتاد كما قلناه. وكأن حركة ما قبل كل وتد منها سبب له، ولكن الخليل سمى كل حركة وساكن مقترن بها لا يعتمد عليه في أكثر المواضع سببا، فإذا اعتمد على ساكن بعد متحركين أو بينهما سمي مجموع ذلك وتدا. ولا تشاح في الألفاظ كما أنه لا حرج على من عدل عما تقتضيه تلك الأسامي في المسميات إذا أراد الإفصاح عن جهات مشابهاتها لما نقلت إليها منه التسمية والتمثيل الصحيح في ذلك.

7- إضاءة: ولنقل الآن في كيفية تركب الأسباب والأوتاد من المتحركات والسواكن، وكيفية تركب الأجزاء منها، وفي كيفيات مواقع هذه وتلك مطردة وغير مطردة في الوزان، وكيف تتهيأ أجزاء المسموعات التي تقع فيها بالتقاذف بها إلى شتى ترتيباتها بالهيآت التي تصير بها متشكلة بأشكال الأبيات المضروبة.

فأقول: إنه إذا تركبت حركتان كان ذلك سببا ثقيلا نحو لك، لم، فإن زدت عليه ساكنا كان وتدا مجموعا نحو لقد، فإن زدت على ذلك ساكنا ثانيا صار الوتد مضاعفا نحو مقال مسكن اللام، فإن تركب متحرك مع ساكن كان ذلك سببا خفيفا نحو قد، فإن زدت عليه ساكنا ثانيا كان سببا متواليا، فإن زدت على السبب الخفيف الذي لم يتوال متحركا كان وتدا مفروقا نحو كيف.

8- تنوير: فالسبب الخفيف والوتد المجموع يقعان كل موقع من أوائل الأجزاء وأوساطها وأواخرها. والسبب الثقيل والوتد المفروق لا يقعان إلا في أوائل الأجزاء وأوساطها. والسبب المتوالي والوتد المضاعف لا يقعان إلا في نهايات أجزاء الضروب ومصرعات الأعاريض. وأسباب ذلك معروفة مما تقدم.

9- إضاءة: وبعض هذه الأجزاء يتركب مع بعض على الإطلاق وذلك الأسباب الخفيفة مع الأوتاد المجموعة والمفروقة.

ومنها ما لا يتركب أحدهما مع الآخر في خماسيات الجزاء وسباعياتها ويتركب فما فوق ذلك، وذلك كالأسباب الثقيلة والأوتاد المفروقة. ولا تتركب معها إلا متقدمة عليها كما أن الأسباب الثقيلة أيضاً لا تتركب مع الأوتاد المجموعة إلا متأخرة عنها.

ومنها ما لا يتركب مع جميع الأجزاء إلا متأخر عنه. ومنها السبب المتوالي والوتد المتضاعف. ولا يتركب أحدهما مع الآخر. وتسمى هذه الأجزاء الأرجل.

10- تنوير: ولا يخلو التركيب من أن يكون من رجلين سبب ووتد، فيكون الجزء المركب منهما خماسيا إن لم يكن هناك سبب متوالي أو وتد متضاعف، فإن الجزء يكون مع كليهما على ستة أحرف، وكذلك ينفسان جميع الأجزاء إذا وقعا في نهاياتها؛ أو يكون من ثلاثة أرجل ولا يخلو ذلك من أن يكون من سببين ووتد فيكون الجزء سباعيا، أو من سبب ووتدين فيكون الجزء ثمانيا؛ أو يكون من أربعة أرجل فيتركب منها ثلاث تركيبات: 1- سبب وثلاثة أوتاد - وهو تركيب مستثقل غير ملائم، 2- وسببان ووتدان والتركيب منهما ينحل إلى الخماسيات، 3- وتركيب لا يستثقل المتناسب منه ولا ينحل إلى غيره، فالقياس يوجب إثباته وقبوله وهو تساعي نحو مستفعلاتن.

11- إضاءة: ولنقل الآن في ما قصدوه في وضع الأبنية الشعرية من حيث جعلوا اطراد الحركات في الأوزان واستقامة جرية اللسان عليها واستواء الكلام بها بمنزلة امتداد أقطار البيوت واستقامة واستوائها، وجعلوا السواكن مطردة بمنزلة الأركان.

فأقول: إن أقل ما يعد من توالي المتحركات قطرا المتحركان، فإنه القطر الأصغر. فأما الحركة بين ساكنين فإنها كالفرجة بين طنبين، ويليه القطر الأوسط وهو ثلاثة متحركات، ثم القطر الأكبر وهو أربعة متحركات، وهو أقصى ما يوجد عليه اطراد الحركات في الأوزان. وأقل ما يعد من السواكن ركنا الواحد ثم لاثنان ثم الثلاثة ثم الأربعة وهي أقصى ما يوجد من اطراد السواكن في الأوزان.

12- تنوير: ولا تستحسن الأركان والأقطار التي تناهت إلى هذا الحد، بل الواجب أن يحذف ثالث السواكن من هذه ويثبت ما يفصل في تلك بين بعض المتحركات وبعض بإعادة السواكن المحذوفة من أثناء ذلك لأن المتحركات لا تنتهي إلى أربعة في الأوزان على اطراد ونسق إلا بحذف بعض السواكن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015