المحمول الذي هو المحكوم به، وتصور النسبة الحكمية التي هي مورد الإيجاب والسلب من غير تصور وقوعها ولا عدم وقوعها، وهو أي الشاك ليس بحاكم بشيء على التحقيق حتى يقال بموجبه أو لا يقال به.

فمن سأل عن الأهلة وعن ماذا ينفق لم يحكم بشيء حتى يقال بموجبه ويحمل على غير مراده؛ لأن الاستفهام إنشاء وليس فيه نسبة خبرية يتوارد عليها السلب والإيجاب، حتى يصدق عليها أن لها موجبًا يقال به. ولذا لا يجوز خطاب السائل عن الأهلة مثلاً: بكذبت ولا صدقت؛ لأنه لم يخبر بشيء.

فبهذا يتضح لك أن ما سماه السكاكي "الأسلوب الحكيم" وسماه عبد القاهر "المغالطة"، منه ما هو قول بالموجب كقصة الحجاج والقبعثري، ومنه ما لا يدخل في حد القول بالموجب كالآيتين المذكورتين كما بينا، وهو المطلوب.

فإن قيل: كيف أجاب الله في الآيتين بجواب غير مطابق للسؤال؟

فالجواب: أن السؤال ضربان جدلي وتعليمي. فالجدلي يجب أن يطابقه جوابه كما عُرِف في فن المناظرة، والتعليمي يُبنى فيه الأمر على حال السائل، كالطبيب يبني علاجه على حال المريض دون سؤاله فتجوز المخالفة فيه. ولا يلزم من ذلك أن المسؤول حمل كلام السائل على غير مراده؛ ولكنه كلمه بما فيه له الفائدة، فلم يقم دليل من عقل ولا نقل على أن الله حمل سؤالهم عن الأهلة على غير مرادهم؛ بل بين لهم الحكمة وترك ما لا فائدة لهم فيه، مع أن جماعة من السلف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015